طوفان الأقصى

قراءة تحليلية (اليوم الـ43 للحرب) نقاط مكثَّفة حول المنـاوَرات البريَّة في قطاع غزة

01:30 م،18 نوفمبر 2023

- دخل التحرك البري لجيش الاحتلال لمرحلة التعمق في الأحياء والمناطق العمرانية في مناطق غرب غزة، ويعمل وفق استراتيجية القضم التدريجي والتقدم تحت غطاء النيران، ويسبق التقدم الواسع للآليات تقدم استطلاعي لعدد قليل من الاليات وجرافات D9 لفحص مدى نجاح التمشيط الناري في احباط كمائن المقاومة.

- يعمل جيش الاحتلال على تعزيز تمركزه بعد التقدم في المحور الجنوبي الغربي، بعد التعمق شرقًا داخل أحياء حي الرمال غرب غزة، تحديدًا الرمال الجنوبي، وتحويل مربعي أنصار ودوار حيدر إلى نقاط ارتكاز متصلات مع الشريط الساحلي على شارع الرشيد.

- في ذات المحور تتركز عمليات القضم التدريجي بتحرك الاليات والتقدم البري في محيط منطقة السرايا مترافقًا مع تمشيط واسع بالنيران والقصف المكثف من الجو والمدفعية على امتداد شارع الجلاء.

انطلاقًا من مفترقي السرايا وضبيط تتحرك الاليات بمناورات استطلاعية باتجاه الشرق بمحيط مستشفى المعمداني ومفترق فلسطين.

- على المحور الشمالي الغربي، واصلت الآليات التقدم البطيء والقضم التدريجي حيث تعزز الاليات تمركزها في منطقة النصر بعد اخلاء مستشفى الرنتيسي، وسط غطاء ناري كثيف جدًا.

- تستمر الاشتباكات والمواجهة في التصدي للمناورات البرية الإشغالية على الحدود الشرقية للقطاع، حيث مازالت تفشل على امتداد ايام التحرك البري محاولات التقدم من شرق خانيونس وشرق البريج وشرق المغازي وشرق الشجاعية وشرق جباليا، والأمرُ سيَّان في الحدود الشمالية لمدينة بيت حانون.

- على المحور الشرقي وخصوصًا شمال غزة يحاول الاحتلال التقدم للتمركز في مواقع استحكام مرتفعة خصوصًا جبل الريس وتل الزعتر، التي ينفذ طيران الاحتلال أحزمة نارية وقصف كثيف على أحياءها منذ أيام.

- في المحور الشمالي الغربي على مسار الشريط الساحلي شكل مخيم الشاطئ نقطة استنزاف كبيرة لجيش الاحتلال حيث نجحت المقاومة بشكل كبير في استهداف الاليات وإيقاعها في عدة كمائن وسجلت خسائر كبيرة في صفوف آليات وجيش الاحتلال، إلا أنه وبعد أيام من القتال شهدت قصفًا جوياً وبحريًا متواصلًا أدعى جيش الاحتلال تمكنه من الدخول للمخيم. 

- بعد نجاح الاحتلال في الإطباق باستخدام تكتيك (الكماشة) على مربع مستشفى الشفاء ووضعه تحت الحصار شبه الكامل، خسر الاحتلال معركة الدعاية التي حاول فيها تصوير الوصول لمجمع الشفاء الطبي بأنه صورة للنصر ولم تفلح كل المحاولات للبحث عن انجازات داخل المجمع، مما اضطرّ جيش الاحتلال للإخلاء القسري للمستشفى لفتح مجال أمام اختلاق سيناريوهات نجاح عملياتي.

- يكثف الاحتلال من قصف محيطي مستشفى الإندونيسي ومستشفى العودة في شمال غزة، سعيًا للضغط على النازحين والطواقم الطبية لإخلاء كلا المنشأتين، دفعًا لخلق حالة من النزوح من مناطق شمال غزة خصوصًا مخيم جباليا الذي مازال أهله يتمسكون بالبقاء فيه ورفض التهجير رغم المجازر الكبير والقصف الجوي الكثيف.

- لازالت المقاومة تعمل وفق استراتيجيات حرب الغوار وقتال المدن، حيث لا تقيم خطوط دفاعية لمنع تقدم الاليات إلى المناطق المستهدفة، بل تتبع نمط الإغارة على القوات من خواصر ضعف تسمح باستنزاف القوات والآليات من مكامن أعدتها المقاومة سابقًا.

- تُظهر نمط عمليات المقاومة وادارة النيران والخطاب الإعلامي والتكامل تماسك منظومات القيادة والسيطرة والصور الواردة من الميدان، اثبات زيف ادعاء جيش الاحتلال ووزير الحرب الصهيوني فقدان قيادة المقاومة الاتصال بالميدان، وفقدان السيطرة على المناطق (ضرب منظومات القيادة والسيطرة والاتصال).

- لازالت المقاومة في بيت حانون تخوض معركة استنزاف لآليات وجنود الاحتلال من خلال كمائن مختلفة، استخدمت خلالها القدائف الترادفية المضادة للدروع، والقذائف المضادة للأفراد، والقنص والاشتباك بالأسلحة النارية، علمًا أن الاحتلال قد قصف بيت حانون بمختلف أنواع الأسلحة والقذائف منذ اليوم الأول للحرب العدوانية على غزة، أدت إلى تغيير ملامح المدينة العمرانية وتهجير أهلها.

- تتبع المقاومة تكتيكات تقلل من استنزاف مواردها وتستنزف آليات الاحتلال وترفع كلفة تحركه البري، وتفضل خوض اشتباكات في بيئة تسمح بالمناورة بتكتيكات حرب المدن رغم حجم التمهيد الناري الكبير وسياسة الأرض المحروقة التي يتبعها جيش الاحتلال وهذا ما تعكسه كثافة الاشتباكات بمحيط مستشفى الشفاء والكمائن جنوب تل الهوا وحي النصر ومخيم الشاطئ.

- يبحث الاحتلال في أماكن التقدم عن صور النصر، وبالتالي يسعى لنشر صور عن التمركز في المجلس التشريعي ومواقع للمقاومة ومقرات حكومية، واستعراض نجاحه في الوصول لأي نفق من أنفاق المقاومة، والتي تتواجد في غزة بكثرة، وهذا لتعويض عدم قدرته على الوصول لغرف قيادة أو اماكن احتجاز الأسرى من الجنود والمستوطنين.

خُلاصة: يُشكل الدخول في مرحلة التعمق، الدخول في المرحلة التي يخشاها الاحتلال والتي تعني دخوله مرحلة التمشيط من منزل لمنزل، وبالتالي توسع خطر الوقوع في كمائن المقاومة، ارتباطًا بأن الأحياء والمناطق الحضرية هي البيئة المثالية لحرب المدن وقتال الغوار، الذي تجهزت له المقاومة جيدًا، وبالرغم من اعتماد الاحتلال على سياسة الأرض المحروقة، إلا ان نجاح المقاومة في استنزاف آليات الاحتلال في المناطق المفتوحة ومداخل المناطق الحضرية يعطي صورة على ما سيكون عليه الوضع داخل الأزقة وفي احياء المناطق السكانية.

نجحت المقاومة في امتصاص الضربات الأكثر كثافة التي استمرّت على مدار أكثر من شهر بأطنان من المتفجرات، وحافظت على تماسك صفوفها وامكانيات الاشتباك، وتعزز من التصدي واستنزاف آليات الاحتلال، وتحويل كل ساعة من الاجتياح البري لفرصة للمزيد من الاستنزاف للجيش والآليات، ولازالت المقاومة تحافظ على متوسط استهداف آلية مدرعة بالحد الأدنى كل ساعتين في محاور الاشتباك المختلفة.

سيعمل جيش الاحتلال على التمركز في منطقة غرب غزة، ومحاولة تعزيز الاستحكام في ميناء غزة لتحويله لخط إمداد بحري للقوات المتمركزة بمحور غرب غزة وخصوصًا على الخط الساحلي والذي تنطلق منه الاليات للقضم التدريجي شرقاً وشمالًا، والبحث عن تسجيل إنجازات عملياتية في سباق مع الزمن، حيث يُشكل إطالة أمد التواجد البري في القطاع عامل ضغط واستنزاف مستمر لجيش الاحتلال.

سيفحص جيش الاحتلال بشكل أوسع امكانية التقدم والتعمق شرقًا في أحياء الصبرة والزيتون والشجاعية، بدون المغامرة في الدخول السريع لهذه المناطق والوقوع في حقول نيران للمقاومة، خصوصًا وأن الشجاعية والزيتون سجل حافل في التصدي الملحمي لمحاولات التقدم البري، وشهدت العملية الشهيرة التي انتهت بخطف الجندل شاؤول آرون بالعام ٢٠١٤.

سيحاول جيش الاحتلال التقدم عبر شارع الجلاء وتحقيق التقاء قواته المتقدمة من المحور الشمالي الغربي، والمحور الجنوبي، وإطباق الحصار على محافظة شمال غزة، في محاولة لتنفيذ قضم تدريجي من جنوب المحافظة.