قراءة تحليلية (اليوم الـ58 للحرب) نقاط مكثَّفة حول مجريات المواجهة البريَّة في قطاع غزة

02:10 م،04 ديسمبر 2023
نقلًا عن موقع politicalkeys

المشهد الميداني:

في منطقة شمال وادي غزة:

بعد إعادة الانتشار لآليات جيش الاحتلال، وإعادة تموضع جزء أساسي من الآليات خارج شوارع غرب وجنوب غزة، والتمركز في مواقع قيادة أبرزها دوار الـ17 على شارع الرشيد ودوار الخور جنوب مدينة غزة، ومفترق الكويت على شارع صلاح الدين، إضافة لنقطة تمركز رئيسية على مدخل محور "نيتساريم" المغراقة، إضافة لتمركز الآليات في منطقة النصر ومحيط حي الشيخ رضوان.

محاور العمليات الرئيسية في شمال وادي غزة تتركز في منطقتين جهد رئيسي، الأولى في شمال غزة، إذ أعاد جيش الاحتلال تكثيف الضغط على مخيم جباليا، والقضم التدريجي وإطباق فكي كماشة من شمال المخيم وغربه، حيث وصلت الآليات إلى محيط دوار أبو شرخ ومشارف منطقة الفالوجا عبر المحور الغربي بمنطقة بيت لاهيا السلاطين مرورًا بمنطقة بير النعجة، إضافة لتمركزها شمال المخيم في منطقة التعليم ومحيط دوار زايد ومشارف مشروع بيت لاهيا.

منطقة الجهد الرئيسي الثاني لجيش الاحتلال في جنوب الشجاعية حيث تتركز عمليات الاشتباك والمواجهة في محيط شارع المنصورة إنطلاقًا من المحاور الغربية لمدينة غزة.

تشهد منطقة الشيخ رضوان اشتباكات ضارية بين المقاومة وجيش الاحتلال، حيث تهاجم العقد الدفاعية للمقاومة آليات جيش الاحتلال وجنود بنيران تعرضية مناسبة تشمل مضادات الدروع والأفراد والعبوات الناسفة والجهد الهندسي للمقاومة.

يتحرك جيش الاحتلال بهدف السيطرة والتأمين لشارع المنصورة جنوب الشجاعية، بهدف فصل حي الشجاعية عن حي الزيتون.

في إطار تمهيد البيئة العملياتية للتحرك البري في منطقتي الجهد الرئيسي نفذ الطيران الحربي سلسلة أحزمة نارية وغارات مكثفة استهدفت حي الشجاعية ومخيم جباليا، واستهدافات مكثفة لعدد من العمارات السكنية التي تقع في مواقع إشرافية مُطلقة على منطقة العمليات المنوي التحرك ضمنها، خصوصًا في مخيم جباليا، إضافة لاستهداف لعدة احياء سكنية في حي الشجاعية لدفع السكان للنزوح إلى شمال وغرب الحي الكثيف سكانيًا.

تتعامل المقاومة في محاور الاشتباك المختلفة في محاور شمال غزة الأسلحة المناسبة مستهدفة الآليات والجنود وإيقاعهم بعدد من كمائن النار في أكثر من محور، حيث أعلنت المقاومة عن تمكنها من تفجير أكثر من فتحة نفق في القوات المُعادية، إضافة لقنص عدد من الجنود، والإجهاز المباشر على عدد آخر، كما نجحت في استدراج عدد كبير من جنود الاحتلال لكمائن عبوات وجهد هندسي، وذلك في كلًا من بيت حانون وبيت لاهيا وشمال جباليا والشيخ رضوان، إضافة لجنوب الشجاعية وجحر الديك.

في منطقة جنوب الوادي:

تتركز منطقة الجهد الرئيسي لجيش الاحتلال في محور القرارة شمال خانيونس وأبو هولي جنوب دير البلح، إذ يسعى لإطباق السيطرة على الخط الفاصل ما بين منطقة دير البلح وخانيونس.

ينفذ طيران الاحتلال أحزمة نارية مكثفة تمهيدية لتحرك الآليات شرق خانيونس وفي محيط منطقتي القرارة وأبو هولي، بهدف تحييد العقد الدفاعية للمقاومة والقضاء على كمائنها لتمهيد بيئة تحرك للآليات.

لاتزال مناورات التحرك البري في مناطق جهد فرعية مستمرة في المناطق الشرقية لمخيم البريج والمغازي وزيادة التحرك شرق دير البلح.

تتعامل المقاومة مع الآليات المتقدمة في منطقة القرار وجنوب دير البلح بالأسلحة المناسبة وتشمل استهدافها بمضادات الدروع الترادفية محلية الصنع وقذائف التاندوم والعبوات الناسفة بمختلف أنواعها من عبوات العمل الفدائي والشواظ والرعدية والبراميلية، إضافة للالتحام المباشر مع قوات المشاة من خلال العقد دفاعية وكمائن نيران.

استعملت المقاومة الطيران المُسير الانتحاري في استهداف أماكن تمركز الآليات وجيش الاحتلال، وتستهدف المقاومة بالنيران التعرضية وقذائف الهاون لمنع الاحتلال من تثبيت رؤوس جسور في منطقة العمليات.

التقدير:

يسارع الاحتلال في وتيرة عملياته الميدانية بهدف خلق أقصى ضغط ميداني على المقاومة في أماكن التمركز الأبرز والأكثر صلابة للمقاومة المتمثلة في أماكن الجهد الرئيسي بكلًا من مخيم جباليا وحي الشجاعية ومحافظة خانيونس، حيث يسابق جيش الاحتلال الزمن لتحقيق اختراقات ميدانية مؤثرة في المناطق المذكورة خلال مدة زمنية قصيرة، بخلاف تحركه السابق في فترة ما قبل التهدئة بالمحور الغربي لمحافظتي غزة وشمالها.

سحب الاحتلال جزءًا من آلياته المتمركزة في شمال غزة، لتعزيز القوات في منطقة الجهد الرئيسي الجديدة جنوب وادي غزة، وبشكل خاص في منطقة خانيونس.

تعكس زيادة وتيرة وسرعة التحرك البري في محاور الجهد الرئيسي المذكورة، عدم وجود هامش زمني مفتوح للغزو البري في قطاع غزة، وبالتالي المسارعة لتحقيق نتائج عملياتية مؤثرة في أقصر وقت ممكن.

زادت المقاومة من وتيرة استنزاف آليات جيش الاحتلال في مواقع التمركز شمال وادي غزة، مستثمرة التحديث الاستخباراتي الذي أمنته فترة الهدنة، لتحويل عامل الوقت إلى عامل استنزاف للآليات والجنود.

تحرك الآليات في منطقة القرارة شمال خانيونس ومفترق أبو هولي أدى إلى تقسيم القطاع إلى 3 أقسام، شمال ووسط وجنوب.

يسعى الاحتلال إلى فصل منطقة الزيتون عن الشجاعية لعدة أهداف جزء منها تقسم منطقة العمليات والجهد الرئيسي في المناطق الشرقية لمحافظة غزة، واستكشاف دفاعات المقاومة وتثبيتها، بحيث يحول دون وجود دفاع إسنادي لمنطقة الشجاعية في حال قرر التعمق داخل الحي.

تتحرك آليات جيش الاحتلال لإطباق السيطرة على الخط الفاصل ما بين دير البلح وخانيونس بهدف الاتصال الجغرافي بين المحافظة الوسطى وجنوب قطاع غزة، ويسمح بتحرك عبر الشريط الساحلي في شارع الرشيد، وذلك بهدف زيادة الضغط على محافظة خانيونس، وفتح ممر تحرك لتسهيل نزوح أهالي المحافظة إلى محافظة رفح، أو المحافظة الوسطى، وذلك بهدف افساح المجال لتحرك عملياتي.

يتحرك الاحتلال ضمن مناورات في مناطق جهد ثانوي بهدف تثبيت الجهود الدفاعية للمناطق في المحاور المختلفة في كلًا من بيت حانون وشرق جباليا وشرق التفاح وجحر الديك وشرق البريج والمغازي، وذلك منعًا لإسناد دفاعي من هذه المناطق لمناطق الجهد الرئيسي لجيش الاحتلال، إضافة لكشف العقد الدفاعية في أماكن الجهد الثانوي واستهدافها من الجو وتحييدها.

تتمسك المقاومة باتباع سياسية الاستنزاف الأقصى لجيش الاحتلال وقواته البرية وذلك من خلال العقد الدفاعية واعطاب أكبر عدد ممكن من الآليات وتكبيد القوات البرية خسائر مستدامة تؤثر على القدرة العملياتية في إطالة أمد العمليات البرية في القطاع، ولاتزال المقاومة تحافظ على متوسط استهداف آلية كل ساعتين

لاتزال المقاومة تحافظ على قدرتها في إدارة النيران وإطلاق الصواريخ بمديات متعددة وصولاً لاستهداف مدن المركز في الأراضي المحتلة والمستوطنات على اختلاف مواقعها، وهذا يعكس متانة القدرة على إدارة العمليات والنيران وعدم تضرر القدرات الصاروخية للمقاومة بشكل مؤثر بفعل الاستهداف المكثف من الجو، وقد تضمنت هذه الرشقات رشقات أطلقت من شمال وادي غزة وهي منطقة الجهد العملياتي الرئيسي لجيش الاحتلال خلال المرحلة الأولى من الغزو البري.

لجأ الاحتلال إلى تقسيم قطاع غزة إلى مربعات، سعيًا لتجنب إثارة الرأي العام الدولي حول عمليات التهجير الجماعي، فانتقل من مرحلة تهجير المحافظات بشكل كامل، إلى مرحلة التهجير بالتجزئة عبر تهجير مربعات بشكل متتالي، في عملية خداع للرأي العام الدولي حول تجنبه استهداف المدنيين والتهجير الجماعي.

خلاصة: يمارس الاحتلال سياسة الضغط الأقصى على محاور الجهد الرئيسي بهدف تحقيق نتائج عملياتية مؤثرة، وانتزاع تنازلات مؤثرة من المقاومة، خصوصًا بعد وصول مسار التفاوض على التبادل إلى طريق مسدودة.

يحاول الاحتلال تقديم دعاية حول تغيير نمط العمليات في جنوب قطاع غزة، ومغادرة مربع التهجير وذلك بفعل الضغط الأمريكي والمطالب بعدم تكرار ما حدث شمال غزة في جنوب محافظة غزة، إلا أن واقع الأمر أن جيش الاحتلال يعمل بذات الوتيرة ولكن بشكل مُجزأ سعيًا لتجنب إثارة الرأي العام الدولي.

لا يُشكل عامل الزمن عامل لصالح دولة الاحتلال، إذ أن الغطاء الدولي المُطلق الذي كان متوفرًا للاحتلال في بداية الحرب العدوانية على القطاع لم يعد متوفرًا، فيما يزداد الضغط الأمريكي لتحقيق نتائج عملياتية سريعة وانهاء الحرب، في ضوء اشتعال الخلاف في مجلس الحرب الصهيوني بشكل كبير، والذي يُعد أبرز أشكاله الخلاف الواضح ما بين وزير الحرب "جالانت" ورئيس الوزراء "نتنياهو".