الرئيسية| أنشطة المركز| تفاصيل الخبر

مقابلة صحفية

الطناني: مخطط تصفية "أونروا" مخطط قديم جديد، والاحتلال يراهِن على نوع من "ثورة الجياع" ضد المقاومة في غزة

09:05 ص،01 فبراير 2024

في مقابلة له مع راديو "علم" حول الضغوطات العالمية على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" في غزة، بعد قرار تسع دول قطع المساعدات عنها، قال الكاتب والباحث في الشأن السياسي ومدير مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي أ. أحمد الطناني، إن مخطط تصفية "أونروا" مخطط قديم جديد. من ناحية، تستهدِف تصفيتُها تصفيةَ قضية اللاجئين الفلسطينيين، إذ تتمثَّل قيمة "أونروا" في كونها شاهدًا على نكبة الفلسطينيين في العام 1948 وحقهم في العودة، وإنَّ اليمين الصهيوني يضع وكالة الغوث ضمن نطاق الرصد منذ سنوات، وقد تحدَّث "بنيامين نتنياهو" بشأن ذلك في أكثر من مناسبة، وكانت الإدارة الأمريكية السابقة قد اتخذت خطوات في اتجاه قطع التمويل عن الوكالة، وحتى الحديث عن استبدالها بمؤسسات دولية أخرى ونقل ملف اللاجئين الفلسطينيين إلى تلك المؤسسات. من ناحية أخرى، يستهدف ما يجري حاليًّا تركيع الشعب الفلسطيني بعدما فشلت آلة القتل الصهيونية في تركيع هذا الشعب.

ففيما يتعلق بصمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في ظل الحرب العدوانية الحالية ضد القطاع وملف محكمة العدل الدولية الأخير بشأن دولة الاحتلال والإبادة الجماعية، يقول الباحث الطناني إنه توجَد الكثير من علامات الاستفهام حول دور وكالة "أونروا" وتقصيرها الكبير في هذه الحرب وما يمكن تسميته "تسهيل" عملية نزوح وتهجير الفلسطينيين من محافظتَي غزة وشمال غزة، إذ كانت قد رفعَت الوكالةُ مسؤوليتَها عن أماكن النزوح وأبلغت موظفيها مبكرًا بشأن أماكن اللجوء التي نزح إليها المواطنون كونَها آمنةً نسبيًّا، وقد ساهم سحب "أونروا" موظفيها في دفع الكثير من المواطنين في اتجاه النزوح.

يضيف الطناني أنَّ هذا الدور الذي أسهمت فيه وكالة الغوث برضوخها بالقبول باشتراطات وإملاءات الاحتلال لم يشفع لها، ووقعت تحت طائلة الاستهداف، واليوم بعد قرارات محكمة العدل الدولية الأخيرة وبعد الضجة الكبيرة عن حجم ما يدخل إلى قطاع غزة من مساعدات في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، تُوضَع "أونروا" في دائرة الاستهداف من جديد، بذريعة وجود اثنَي عشر موظَّفًا لديها من فلسطينيي قطاع غزة تتَّهمهم بـ"التحريض" فيما يتعلق بأحداث السابع من أكتوبر 2023، ولم تنتظر الدول المتواطئة الداعمة للاحتلال بالأسلحة وغيرها أن تقدَّم الأدلة التي تثبت ذلك، ما يعكس أنَّ هذا الأمر معَدٌّ له سلفًا في الكواليس. في المقابل، ارتقى في هذه الحرب شهداء من العاملين في الوكالة، وتعرَّضت مقرَّاتها لاستهدافات الاحتلال، كان آخِرها استهداف مقر صناعة الوكالة في خان يونس الذي كان يضم في داخله مدراء الوكالة في قطاع غزة، في استهدافٍ تعلَم "أونروا" أنه كان استهدافًا مباشرًا لها وللنازحين في مقرِّها.

يؤكِّد الطناني أنَّ المستهدَف ليس قطاع غزة فحسب، بل وكالة "أونروا" عمومًا ولخدماتها كاملة، ما يؤكِّد أن التواطؤ الدولي تواطؤ من أجل تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين في الأساس، وإن كان قطاع غزة المتضرر بشكل أساسي الآن كونَه في عين العاصفة وتحت الضغط الأكبر الآن. ويضيف أنَّ غياب "أونروا"، المصدر الرئيس للدقيق في القطاع، وغياب مساعداتها، يضع الغزيين أمام كارثة إنسانية جديدة، ويضع على حافة الانهيار الأُسَرَ الغزيةَ التي لا تجد قوت يومها إلا على ما تقدمه "أونروا" وهو قليل جدًّا، وبالتالي دفع الشعب الفلسطيني للمزيد من التدمير.

يدرك الاحتلالُ منذ بداية هذه الحرب العدوانية ضد قطاع غزة أنَّ الخيار العسكري لن ينجح في القضاء على المقاومة، يقول الباحث الطناني، وإنَّ الاحتلال يراهِن على نوع من الثورة الداخلية أو ثورة الجياع على المقاومة لدفع الشعب إلى أن يستاء بشكل أكبر وكأنَّ خيارات المقاومة التي جلبَت هذ الدمارَ، وهو ما لم فيه الاحتلال حتى الآن على الرغم من حجم الدعاية وحجم التحريض الكبيرين، لكنَّ الشعب الفلسطيني يعي أن طريق المقاومة طريقَه وخيارَه، ويعي أنَّ هذا الاحتلال احتلال مجرم، وأنَّ هذه الحرب كانت قادمة لا محالة في كل الأحوال، ما يثبته شكلُ التواطؤ الدولي، وأنَّ الهجوم ضد المقاومة لاقتلاعها من قطاع غزة، ولاقتلاع تأثيرها على بقية الجبهات والساحات أيضًا، كان مخطَّطًا حاضرًا لدى قيادة الاحتلال وبتواطؤ أمريكي وأوروبي لتصفية القضية الفلسطينية. ويعي الشعب الفلسطيني أنَّ تورة الجياع لا يمكن أن تُفجَّر داخليًّا، بل سيَدفَع ثمنَها الاحتلالُ بالدرجة الأساسية، إذ لن يكون الانفجار إلا في وجه المحتل.

فيما يتعلق بدور وكالة "أونروا" الأساسي، يرى الطناني أنَّ المطلوب الآن تأمين شبكة أمان مالية للوكالة لمنع قطع المساعدات من أن يكون سيفًا مسلَّطًا على قضية اللاجئين الفلسطينيين، إلى جانب أن يجري تحرك عربي رسمي حقيقي من أجل تغطية هذا العجز الذي سينتجه تجميد تلك الدول للمساعدات -وهي دول متواطئة مع الاحتلال تقدِّم مساعداتِها في الأساس من أجل تعزيز نفوذها وحضورها باشتراطات دائمة تتضمن محاولة لتركيع الشعب الفلسطيني- ، ويرى الطناني ضرورة البحث عن مصادر دولية وعربية تضمن حق الشعب الفلسطيني في الاستمرار ولوكالة "أونروا"، التي تُعَدُّ الشاهد على نكبة السعب الفلسطيني، في الاستمرار.

وبسؤاله حول ما إذا كان يرى أنَّ قطع المساعدات أمرٌ مؤقَّت، قال الطناني إنَّ قطع التمويل عن قطاع غزة جاء أولًا مع عملية السابع من أكتوبر 2023، وإنَّ الدول التي تموِّل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية والبرامج التنموية أعلنت عن قطع تمويلها ثم تراجعت تدريجيًّا لتضخ هذا التمويل مجدَّدًا، وأيضًا حين شنَّ الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" هجمته ضد "أونروا"، تراجعَت الدول تدريجيًّا، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية عن هذا الخطأ، ويرى الطناني أنَّه في حال مرَّت هذه الموجة ستراجع أغلب تلك الدول عن هذه القرارات وستعود إلى دعمها. إن الشعب الفلسطيني يثبت في الأساس أنَّ في استطاعته أن ينجوَ من كل هذه الهجمات ومن كل محاولات التجويع وأن يوقِف تمرير كل المخططات التي يحاول الاحتلال والعالم تطبيقها عبر محاولة تركيع هذا الشعب بالتجويع وبتجفيف مصادر الإغاثة ومصادر المساعدات، في محاولة لكسرِه بالتجويع بعد الفشل في كسرِه بالقوة العسكرية، ما لن ينجح الاحتلال في تنفيذه.

يُذكَر أنَّ تسع دول على الأقل قررت، ودون سابق إنذار، قطعَ المساعدات عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في قطاع غزة، وقالت الوكالة إنَّ مساعداتها ستتوقف بعد أقلّ من شهر، جاء ذلك تزامنًا مع تصريحات صادرة عن "أونروا" تقول فيها إنها تبحث في شأن اثنَي عشر موظَّفًا لديها (من أصل ثلاثة عشر ألفًا) تتَّهمهم بـ"التحريض" فيما يتعلق بأحداث السابع من أكتوبر 2023، وبعد يوم من قرارات محكمة العدل الدولية الأخيرة الصادرة بحقِّ دولة الاحتلال. ومن الجدير بالذِّكر أنَّ الاحتلال استهدف مقرَّات وكالة "أونروا" والعاملين لديها، فارتقى منهم شهداء وقصف الاحتلال أكثر من مِائتين وثلاثين مقرًّا لوكالة "أونروا" في قطاع غزة منذ بداية الحرب العدوانية الحالية ضد القطاع.