الرئيسية| مقالات وآراء| تفاصيل الخبر

انجرار نتنياهو وراء مشعل الحرائق بن جفير

الحرم القدسي واللعب بالنار

09:45 م،23 فبراير 2024

حلمي موسى

ثارت المداولات المعلنة داخل الحكومة الإسرائيلية بين نتنياهو ووزيره الكهاني بن جفير بشأن تقييد صلاة المسلمين، خصوصاً من داخل الخط الأخضر، في الحرم القدس ي في شهر رمضان عاصفة سياسية ودينية لم تهدأ. واعتبر العديد من كتاب الرأي في الصحافة الإسرائيلية أن انجرار نتنياهو وراء مشعل الحرائق، بن جفير، يمكن أن يقود إسرائيل إلى كارثة وحرب دينية. ورغم وجود مؤيدين لقرار بن جفير في إسرائيل إلا أن أصواتاً، حتى من اليمين الاستيطاني، حذرت من مواصلة منهج التطرف. ويوم أمس حاولت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية القول بأن المداولات شيء والقرار شيء آخر وأن القرار لم يتخذ بعد.

وأشارت "معاريف" إلى أن ما أثار العاصفة السياسية هو أن التقارير حول المداولات كانت متضاربة وغامضة. وقالت أن نتنياهو أعطى الانطباع أثناء المداولات بأنه يميل إلى موقف الشرطة التي أوصت بتقييد وصول المسلمين، خصوصاً من داخل مناطق 48، إلى الحرم خلافاً لتوصية الجيش والشاباك اللذين عارضا فرض أية قيود.  وفيما هلل بن جفير لما اعتبره نجاحاً في فرض رأيه على نتنياهو تحدث الأخير عن أن القرار لم يتخذ وأنه طلب من الجهات المختصة تقديم توصياتها مع الإشارة إلى التداعيات والمخاطر لاتخاذ القرار.

وأوضح مقربون من نتنياهو أنه لم يقبل موقف بن جفير الداعي للسماح قوات الشرطة باقتحام الحرم كلما ارتفع صوت تحريض أو رفعت هناك الأعلام الفلسطينية. وأشاروا إلى أن القرار النهائي بهذا الشأن سيتخذ في المجلس الوزاري المصغر للشئون السياسية والأمنية. وبعد ذلك ستجرى مداولات خاصة تتقرر في نهايتها القيود المتعلقة بمدى العمر وبالطبع بعدد الزوار.

 وكان بن جفير قد أعلن أنه "في السنوات الأخيرة حاولت حكومات إسرائيل المتتابعة بكل القوة أن تكون لطيفة مع حماس، تحتوي حماس، وأدخلت عشرات آلاف النشطاء وحولت الحقائب مع ملايين الدولارات، وتدلل سجناء حماس في السجون في زنازينهم كما يشاؤون بطريقة الخدمة الكاملة. وحتى عندما اطلقوا علينا الصواريخ كانت هناك جهات تقول دوماً أن هذا مطر أو عطل كهربائي. ورغم كل هذا، في 7 أكتوبر تحطم هذا الوهم الصبياني. والتفكير في أننا فقط إذا كنا لطفاء لحماس وفقط إذا احتويناهم – أصبح وهماً عظيماً تحطم لنا جميعاً في الوجه. أعداؤنا يفحصوننا حتى في هذه الدقائق ويريدون أن يروا إذا كنا مصممين وأقوياء أم أننا خائفون وخانعون".

 وكانت "هآرتس" أشد المعارضين لتوجه نتنياهو وبن جفير لتقييد وصول المسلمين، خصوصاً من مناطق 48، إلى الحرم. وكتبت "هآرتس" في افتتاحيتها التي كانت تحت عنوان "فلتحرق الدولة" أن "القرار بتقييد صلاة المسلمين في الأقصى أثناء شهر رمضان هو القرار الأخطر لحكومة الفظائع منذ نشوب الحرب. وأضافت أن رمضان، الذي سيبدأ الشهر القادم، لا يمكنه أن يكون فرصة ممتازة لاثبات أن الناطقين بلسان حماس يكذبون وأن حرب إسرائيل هي ضد حماس وليست ضد الشعب الفلسطيني أو كل المسلمين. لقد كانت هذه فرصة لتقويض دعاية منظمة الإرهاب في أن إسرائيل تعتزم المس بحرية العبادة الإسلامية في الحرم القدسي وتغيير الوضع الراهن في المكان، كما هي فرصة للفصل بين حماس والعرب في الضفة الغربية، في القدس الشرقية وفي إسرائيل".

واستدركت "لكن الحكومة الأسوأ في تاريخ إسرائيل، التي يحكمها نشيط جبل الهيكل ايتمار بن جفير وعلى رأسها سياسي فاشل أوصل مذهبه إسرائيل إلى شفا الهاوية، ليست فقط تفوت هذه الفرصة، بل تستخدم شهر رمضان كفرصة لسكب مزيد من الزيت على شعلة المواجهة مع الفلسطينيين."

 وفي "يديعوت" كتب المعلق السياسي بن درور يميني تحت عنوان "يلعبون بالنار"  أنه ليس صدفة أن حماس اختارت اسم "طوفان الأقصى" لعملها الإجرامي في 7 أكتوبر. وليس صدفة أن كل حكومات إسرائيل، مثل هذا الأسبوع أيضاً ترددت بالنسبة لهذه الكرة الملتهبة التي يسجل عليها "خطر اشتعال". والتهديد، الوهمي والحقيقي، يتجاوز القضية الفلسطينية إلى العالم الإسلامي بأسره لأنه يوجد شيء ما في هذا المكان يثير منذ أكثر من مئة سنة اضطرابات ويضرم النار". وأضاف: "قبيل شهر رمضان، هذه السنة أيضاً طرحت مسألة جبل الهيكل والمسجد الأقصى. فكيف تصان حرية العبادة من دون سفك دماء؟ لا توجد صيغة سحرية لتهدئة الخواطر لأننا نتعامل هنا مع فريات من النوع المقيت للغاية. منذ حرب الأيام الستة واليهود هم الذين يميز ضدهم. دخولهم إلى جبل البيت مقيد. تهديدات المتطرفين تتسبب بالردع. وبالتأكيد هكذا هذه الأيام عندما لا تحتاج إسرائيل إلى جبهة أخرى."

 ولاحظ يميني أنه إضافة إلى نتنياهو "يوجد الرجل الذي يتعلق به كل الائتلاف. الرجل الأكثر تطرفاً في الساحة السياسية. الرجل الذي هو شخصية غير مرغوب فيها في كل عواصم العالم تقريباً. هذا الرجل، ايتمار بن جفير يسعى الآن لأن يملي على الحكومة سياسته." وأضاف أن "نتنياهو يعرف بالضبط مع من يتعامل. في الماضي رفض السماح لبن جفير بمنع الحجيجمن الدخول إلى الحرم. وحينها قال نتنياهو "بن جفير كان سيشعل الشرق الأوسط. كان سيثير علينا غضب مليار مسلم، قلت  أنه توجد حدود. توجد أمور لست مستعداً لأن أفعلها". مرت أربع سنوات فقط. واليوم يوجد نتنياهو آخر. ليس نتنياهو الذي يقود بل نتنياهو الذي يقاد. بن جفير يطلب. نتنياهو يطيع".

والواقع أن رئيس الشاباك الأسبق، يعقوب بيري، كتب أمس في معاريف أيضاً تحت عنوان "قرار غريب وخطير" أن "القرار الذي اتخذه نتنياهو حول وصول عرب إسرائيل الى الحرم في فترة رمضان – على الأقل حسب بعض المنشورات – غريب، غير واضح وقد يتسبب باضطراب مقلق. وهذا في فترة هي دوماً فترة حساسة، متوترة وعظيمة الأحداث الأمنية الصعبة.  إن حقيقة أن رئيس الوزراء قرر أن يقبل، ولو جزئياً، موقف الوزير إيتمار بن جفير، خطيرة، قابلة لتفسيرات متنوعة، ويمكن تفسيرها بموافقة سياسية أكثر مما هي قرار متوازن، أمني وحساس." وأضاف أن "عرب إسرائيل حافظواعلى هدوء تام منذ 7 أكتوبر، وعليه فلا مجال لتوتير وتوتير شبكة العلاقات مع هذا الوسط وجر أجزاء منه إلى الاضطراب والمواجهة، بخاصة على خلفية الحرم وبالتالي دفعهم للانضمام إلى خطة حماس الأصلية".

 وكان لافتاً على وجه الخصوص انضمام المعلق اليميني المشهور، نداف شرغاي، في صحيفة "إسرائيل اليوم" اليمينية إلى جمة منتقدي قرار نتنياهو وبن جفير. فقد كتب تحت عنوان "لنبقي المارد الديني في القمقم" أن منع "عرب إسرائيليين من الصلاة في شهر رمضان في المسجد الأقصى الذي في جبل البيت من شأنه أن يخرج المارد الديني من القمقم في القدس أيضا، وهو المارد الذي نجحت إسرائيل حتى الآن على الأقل في إبقائه حبيسا".  ورأى أن "التحويل الجارف لسكان شرقي القدس وعرب إسرائيل إلى ممنوعي الدخول إلى الحرم في رمضان من شأنه أن ينزلهم عن الجدار ويدفع الكثيرين منهم إلى التماثل العلني مع غزة وإلى أذرع حماس وإلى شراكة فاعلة في الإرهاب وفي العمليات".

 وخلص إلى أنه "ليست لإسرائيل أي مصلحة في المواجهة – فما بالك دينية – مع عرب إسرائيل وشرقي القدس. وبالتالي فمن الأفضل الإنصات إلى موقف شرطة القدس التي أبقت بفضل عملها الذكي والمهني في الأشهر الأربعة الأخيرة (الى جانب الشاباك) شرقي المدينة عامة والحرم القدسي خاصة (باستثناء حالات محدودة)، خارج أحداث الحرب.