يتوجه اليوم إلى الدوحة رئيس الموساد، ديفيد بارنيع، للقاء طاقم الوسطاء الذي يضم رئيس الحكومة ال قطر ية ورئيسي المخابرات المركزية الأميركية والمصرية. ووفق بيان رئاسة الحكومة الإسرائيلية فإن اللقاء يهدف للعمل على الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس في قطاع غزة والتوصل إلى هدنة. ويأتي هذا اللقاء في ظل أنباء نشرتها شبكة CNN الأميركية نقلاً عن دبلوماسي لم تحدده بأن المحادثات في الدوحة تتقدم بشكل إيجابي رغم بقاء "الكثير من الخلافات". ورغم التفاؤل الحذر الذي أعربت عنه الخارجية القطرية إلا أن وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن يواصل بث التفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق وأن الفجوات بين الجانبين تتقلص. ولا يمكن والحال هذه تجاهل إعلان أميركا أنها بصدد عرض مشروعها لقرار مجلس الأمن لوقف النار والإفراج عن المحتجزين غداً ما قد يوحي باستعجال أميركي لإنجاز الصفقة ولو تحت ضغط دبلوماسي صريح ومكثف.
ولا بد من الإشارة إلى أن جولة بلينكن واجتماعه في القاهرة مع زراء خارجية ومسؤولين من مصر والسعودية والأردن وقطر والإمارات والسلطة الفلسطينية لبحث مستقبل قطاع غزة بعد وقف النار. وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، قد أعلن أن اجتماع وزراء الخارجية العرب كان لـ"بحث جهود وقف الحرب الإسرائيلية ضد غزة، وحتمية تحقيق وقف إطلاق النار، والنفاذ الكامل للمساعدات".
واعتبرت صجيفة "إسرائيل اليوم" المقربة من نتنياهو إن وصول رئيس المخابرات المركزية إلى المفاوضات في الدوحة أجبر نتنياهو على إرسال نظيره الإسرائيلي، رئيس الموساد لإجراء محادثات، رغم أنه لم يتضح بعد ما إذا كان قد تم إحراز تقدم كبير في المحادثات. وفي كل حال، فإن القرار الأميركي يظهر ضغوطاً كبيرة تمارسها من وراء الكواليس. وأشارت إلى أن كابينت الحرب سيجتمع صباح اليوم بطلب من الوزير بيني غانتس، حيث سيناقش الكابينت تطورات المفاوضات مع حماس وتفاصيل الصفقة المطروحة على جدول الأعمال قبل اجتماع أعضائه مع بلينكن. وكان مسؤول في كابينت الحرب ينتقد عدم اجتماع المجلس الوزاري ليلة أمس، رغم القضايا المصيرية المطروحة.
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن كلاً من غانتس ووزير الحرب يؤآف غالانت سمعا بخبر إرسال رئيس الموساد إلى الدوحة من وسائل الإعلام وأن أحداً لم يتشاور معهما. وليس مستبعداً أن نتنياهو الذي كان يماطل طوال الوقت لمنع إنجاح مفاوضات التبادل اضطر لإرسال رئيس الموساد بعد أن غير وزير الخارجية الأميركي برنامجه وقرر الوصول إلى إسرائيل اليوم الجمعة. وهكذا يبدو أن الدبلوماسية الأميركية تضغط وتطرق كل الأبواب عبر مجلس الأمن والدوحة وحتى في تل أبيب لتمرير المرحلة الأولى من مقترح باريس على الأقل.
وفي وقت سابق أمس، أعرب وزير الخارجية الأميركي، في مقابلة أجراها مع قناة تلفزيونية سعودية، عن تفاؤله بشأن فرص إتمام الصفقة. وقال بلينكن: "إن الأمر يقترب. أعتقد أن الفجوات تضيق، وأعتقد أن التوصل إلى اتفاق ممكن للغاية. لقد عملنا بجد مع قطر، ومع مصر، ومع إسرائيل لوضع عرض قوي على الطاولة. لقد فعلنا ذلك، لكن حماس لم تقبله. لقد عادوا بطلبات أخرى، مطالب أخرى. المفاوضون يعملون على ذلك الآن."
ونقلت "معاريف" عن مسؤول إسرائيلي مشارك في المفاوضات، قوله: "لا يوجد انفراج، لكن هناك تقدم في المحادثات، الفجوات بدأت تضيق، لكن الطريق لا يزال طويلا".
أما "يديعوت" فأشارت إلى الغضب الشديد الذي أعرب عنه مسؤولون في كابينت الحرب من نتنياهو الذي - رغم حساسية الوضع - لم يجد من المناسب عقد اجتماع مساء أمس (الخميس) 21 آذار 2024 لكابينت الحرب وبعده للمجلس الوزاري السياسي الأمني كما يحدث بانتظام يوم الخميس طوال الأشهر الأخيرة. وبعد غضب ومطلب رئيس معسكر الدولة بيني غانتس، سيعقد اجتماع لكابينت الحرب صباح اليوم، قبل أن يجتمع أعضاؤه مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن.
ونقلت "يديعوت" عن مسؤولين مطلعين على المحادثات إن قمة الدوحة لا تشير إلى حدوث انفراجة، لكن هناك تقدم مدروس ومهم في المحادثات. هناك محادثات، ورئيس وزراء قطر، ورئيس وكالة المخابرات المركزية، ورئيس المخابرات يأتون جميعاً إلى قطر لتقديم الدعم للعملية، والدفع والمساعدة في العملية التي بدأت تمضي قدماً. وهذا لا يعني أن المفاوضات تشير إلى حدوث انفراجة. لا يزال هناك طريق طويل ومعقد أمامنا، لكن من المؤكد أن هناك تقدماً
وأضاف هؤلاء: "كان هناك اقتراح من حماس غير مقبول على الإطلاق. وكان هناك رد إسرائيلي غير مقبول بالنسبة لحماس. المفاوضات كانت تهدف إلى تقليص الفجوات". لا يزال الطريق طويلاً، وستكون هناك المزيد من الأزمات". وأعرب المسؤولون عن اعتقادهم بأن التقدم، حتى لو لم يكن كبيراً، سيستمر حتى يتم التوصل إلى اتفاق.
وكان رئيس الموساد بارنيع قد عاد إلى إسرائيل بعد الجولة الأولى من المفاوضات مع حماس في قطر، حيث أبقى هناك فريق عمل لمواصلة المحادثات. وفي إسرائيل ينتظرون رداً رسمياً من حماس على الاقتراح الذي طرح في المحادثات. وهناك توقعات متوترة لنفس الرد من حماس، رغم الافتراض بأنها لن ترد ببساطة بـكلمة "نعم" وهذا ما يجعل السؤال هو ما إذا كانوا سيعودون بمرونة معينة.
وكان القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، قد أعلن يوم الأربعاء، أنّ الرد الإسرائيلي على مقترح الحركة لوقف العدوان على غزة "جاء سلبياً بشكل عام، وفق ما نقله الوسطاء مساء الثلاثاء". وقال حمدان في مؤتمر صحافي إن "الوسطاء نقلوا إلينا مساء الثلاثاء موقف الاحتلال من مقترح الحركة، الذي سُلِّم مساء الخميس 14 آذار الجاري، وكان ردّه سلبياً بشكلٍ عام، ولا يستجيب لمطالب شعبنا ومقاومته، لا بل يتراجع عن موافقات قدّمها سابقاً للوسطاء ونُقلت إلينا عبرهم، إمعاناً منه في سياسة المماطلة، ممّا من شأنه أن يعرقل المفاوضات، وربما يوصلها إلى طريقٍ مسدودٍ".
وأضاف: "نحن نؤكد أن الحركة تراقب سلوك الاحتلال، إذ إنه مع كلّ جولة مفاوضات يُصعّد جرائمه ضدّ شعبنا ظناً منه أنه بمثل هذه الجرائم قد يحقّق مكاسب على طاولة المفاوضات، وهنا نؤكد مجدداً أنّ ما لم يأخذه الاحتلال في المعركة العسكرية، وفي ظل جريمة الإبادة الجماعية، لن يأخذه بمكائد السياسة وألاعيب المفاوضات".
وشككت جهات إسرائيلية بتوصيف حمدان للرد الإسرائيلي وقالت أن ادعاءه بالرد "السلبي" غير صحيح. وقالت: لقد قدمنا اقتراحاً وننتظر الآن رد حماس. وقال مسؤولون كبار في إسرائيل: "نحن على الخطوط العريضة لصفقة رهائن، وعلى حماس أن تتراجع أكثر قليلاً حتى نتمكن من التوصل إلى اتفاق. هناك فرص جيدة للتوصل إلى اتفاق بعد انسحاب حماس من موقفها الأولي لإنهاء الحرب". من جهة أخرى، قال مصدر أمني إسرائيلي إن عملية التفاوض "ستستغرق المزيد من الوقت"، وأكد: "لا تزال هناك أمور كثيرة بحاجة إلى جسرها، لكن هناك إمكانات".