الرئيسية| قراءة في الحدث| تفاصيل الخبر

موقف |موقف عروبة| ما بين الحاجة الأمريكية للهدوء ومحاولات نتنياهو التنصل

09:05 ص،05 مايو 2024

تمر المفاوضات بمرحلة حرجة بعد قطع شوط مهم في الوصول إلى صيغ هي الأقرب لمطالب المقاومة، إلا أن رئيس وزراء الاحتلال، "بنيامين نتنياهو"، الذي لم يغلِق باب التفاوض رسميًّا ولم يرفُض أية صيغ جديدة تطلبها المقاومة ولم يخضِع الأمر إلى مشاورات لا في مجلس الحرب ولا في الكابينيت الموسَّع، يبحث عن عملية تفجيرٍ للمفاوضات عن بُعد، عبر إطلاق التصريحات التصعيدية والتسريبات الهادفة إلى نسف التقدم الحاصل في القاهرة قبل وصوله إلى "تل أبيب" والاضطرار إلى الوصول إلى لحظة الحقيقة التي قد تضعه أمام استحقاقات تصاعُد الخلاف مع الولايات المتحدة وزيادة حدَّتِه، أو انهيار ائتلافه الحكومي أو مجلس الحرب، وكلها خيارات لها أثمان كبرى وتأثير على مجرى الحرب بلا شك.

تحتاج الولايات المتحدة بشدة إلى الهدوء في المنطقة في خلال الهامش الزمني المنظور، وإن تدحرُج الأوضاع في الجامعات والاقتراب المستمر من السباق الانتخابي الرئاسي يضعان إدارة "بايدن" أمام ضغط غير مسبوق تدفعها إلى استخدام أدوات مختلفة لدفع كل الأطراف إلى لوصول إلى اتفاق ينهي القتال.

الأيام القادمة حاسمة أمام مستقبل جولة التفاوض الحالية، ففي الوقت الذي تتمتع فيه المقاومة بموقف تفاوضي مرتاح نسبيًّا، وقد قطعت شوطًا كبيرًا في إطار الوصول إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإيقاف حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من نصف عام، فإن الوسطاء أمام اختبار حقيقي لقدرتهم على الضغط على الاحتلال، بينما العامل الضاغط الأهم حاليًّا يتمثل بالولايات المتحدة التي تمتلك العديد من الأدوات لفرض وقف إطلاق النار ودفع "نتنياهو" إلى الوصول إلى اتفاق، إلا أنها ما تزال تتروى في ممارسة ضغوط كبرى تحسِم عمليةَ المماطَلةِ والتملصِ المستمرةَ من "نتنياهو"، الذي يضع حسابات الربح والخسارة الخاصة به فوق كل الاعتبارات.

بات الشارع الصهيوني وكذلك الرأي العام العبري منقسمًا بدرجة كبيرة، وتتصاعد فيه الآراء الناقدة لسلوك "نتنياهو" المراوغ، مع زيادة الاقتناع بأن تحقيق أهداف الحرب بات بعيدًا جدًّا -إن لم يكن مستحيلًا، وبناءً عليه فإن ثمن المخاطَرة بخسارة المزيد من الأسرى والمراهَنة على تحقيق عملية عسكرية في رفح ما عجزت ثمانية شهور من الحرب عن تحقيقه يُعَدُّ رهانًا خاسرًا لا يستحق المخاطَرة.

في الواقع، يجعل وجودُ "نتنياهو" في مفترق الطرق الحالي انفجارَ المفاوضاتِ الطريقَ الأقلَّ خسارة، مقارَنةً بإمكانيات خسارته لائتلافه الحكومي اليميني الذي يبتز أقطابُه الأخيرَ علانيةً بأن ثمن إنهاء الحرب هو نهاية هذه الحكومة.