هدد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في بيانه المسجّل، بإعادة احتلال قطاع غزة. وفي نظر كثيرين، فإن احتلال غزة يضع إسرائيل أمام خيارين: تهجير سكانها، أو فرض الحكم العسكري عليهم. وفي كلا الحالتين، هناك عواقب خطيرة جدًا يصعب توقعها من الآن؛ فتهجير السكان يعني الدخول في صدام، على الأقل، مع مصر المجاورة لغزة، ما سيقود إلى ضرب اتفاقية السلام، وإلى آثار دولية وإقليمية جسيمة.
كما أن فرض الحكم العسكري يعني فشل اتفاقيات أوسلو من جهة، واضطرار إسرائيل إلى العودة لإدارة احتلال مكلف، يضرب في الصميم مفهوم "الدولة اليهودية"، ويُبعد أي احتمال لحياة طبيعية.
لكن، وعلى أهمية هذا التهديد، وهو ليس جديدًا، إذ ثمة تيارات متزايدة تطالب بتحقيقه، فإن الجميع تعامل مع بيان نتنياهو شكلاً ومضمونًا بطريقة غريبة. فرئيس الحكومة، الأشهر في تعامله مع الإعلام، يبتعد عن مواجهة الصحفيين، ويصدر بيانًا مسجّلًا. وكان لافتًا في بيانه أنه لم يقدم أي خطاب مقنع، ولم يرد على الأسئلة التي تحوم في الأجواء الإسرائيلية.
كتب يوفال كارني أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ليلة السبت، نشر "بيانًا خاصًا" مسجّلًا، بعد 131 يومًا من آخر مؤتمر صحفي عقده، والذي تضمن إجابات على الأسئلة. وفي تصريحاته هذا المساء، أشار إلى الطريق المسدود في المفاوضات مع حماس، والتهديد الإيراني، والانتقادات الداخلية، وأوضح: "لن أستسلم للقتلة". وقال إن إسرائيل تمرّ "بمرحلة حاسمة"، وإن الاستسلام الآن "سيعرض أمن الدولة وأمنكم للخطر".
وفي بداية البيان، قال نتنياهو إنه لن يستسلم لضغوط حماس، محذرًا من أن الاستسلام من شأنه أن يعرض أمن إسرائيل للخطر: "أيها المواطنون الإسرائيليون، بصفتي رئيس وزرائكم، لن أستسلم. لن نستسلم للقتلة الذين ارتكبوا أفظع مذبحة منذ الهولوكوست". وأضاف: "نحن في مرحلة حاسمة، وفي هذه المرحلة نحتاج إلى الصبر والإصرار لتحقيق الفوز". وأكد نتنياهو رسميًا أن حماس رفضت الاقتراح الأخير، قائلاً: "إذا استسلمنا لإملاءات حماس الآن، فإن كل الإنجازات الهائلة التي حققناها بفضل مقاتلينا وشهدائنا وجرحانا ستذهب سدى".
كما تطرق نتنياهو إلى الجمود في المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن، وحمّل المسؤولية للمنظمة: "في نهاية الأسبوع، رفضت حماس مرة أخرى اقتراحًا كان من الممكن أن يؤدي إلى إطلاق سراح نصف الرهائن وعودة العديد من الشهداء". وأضاف أن مطالب المنظمة، بما في ذلك الانسحاب الكامل من غزة وإعادة إعمار القطاع، "ستسمح لها بإعادة التسلح". وزعم أن هذا من شأنه أن يرسل رسالة خطيرة مفادها "أنه من خلال اختطاف الإسرائيليين، يمكن تركيع دولة إسرائيل". وأوضح نتنياهو أنه "في ظل هذه الظروف، لن ننهي حرب النهضة قبل أن ندمر حماس، وقبل أن نضمن أن قطاع غزة لم يعد يشكّل تهديدًا".
وفي ظل المحادثات بين إيران والولايات المتحدة، قال نتنياهو: "لو لم تكن هناك ضربة قاسية لمحور إيران، لما كنا قد غيرنا وجه الشرق الأوسط، بل كنا ببساطة سنستمر في العيش تحت خطر وجودي". وأضاف: "أنا ملتزم بمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية – لا أتنازل عن هذا، ولا أتراجع عنه". وتابع: "على مر السنين، قدتُ تحركاتٍ لضرب البرنامج النووي الإيراني. لولا هذه التحركات، لكانت إيران قد امتلكت أسلحةً نوويةً قبل عشر سنوات".
وهاجم نتنياهو الأصوات الداعية إلى وقف الأعمال العدائية، قائلاً: "ماذا يفعلون؟ إنهم يرددون دعاية حماس حرفيًا. إنهم يؤخرون إطلاق سراح الرهائن ويتركونهم هناك لفترة أطول". وبحسب قوله: "شروط الاستسلام ليست جديدة، فقد طالبت بها حماس مرارًا وتكرارًا. ولكن أي قائد مسؤول يستطيع قبولها بعد انتخابات أكتوبر؟ بالتأكيد لن أقبلها".
أسئلة عيناف تسينغوكر الخمسة لنتنياهو
قالت عيناف تسينغوكر، والدة ماتان تسينغوكر الأسير لدى المقاومة في قطاع غزة، في بيان لها، إنها تطالب نتنياهو بالإجابة على خمسة أسئلة في البيان نفسه، منها: "لماذا نُسِفَت المرحلة الثانية؟ لماذا لم تطرح مقترحًا إسرائيليًا لصفقة شاملة؟ وهل صحيح أن العملية قد تستغرق ستة أشهر؟ أحباؤنا لن ينجوا!"
ليبرمان يهاجم:
من جانبه كتب أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب "إسرائيل بيتنا": "في دولةٍ طبيعية، كان البيان الوحيد لرئيس الوزراء في السابع من أكتوبر يجب أن يكون: أتحمل المسؤولية، أستقيل، وأُشكّل لجنة تحقيق رسمية. يستحق شعب إسرائيل معرفة الحقيقة، لكن نتنياهو يواصل الكذب والتهرب من المسؤولية".
وكان المؤتمر الصحفي الأخير لنتنياهو قد عُقد في التاسع من ديسمبر/كانون الأول، بعد سقوط النظام السوري، وسيطرة الجيش الإسرائيلي على المنطقة العازلة السورية وجبل الشيخ، وقبل بدء محاكمته مباشرة.