الرئيسية| قراءة في الحدث| تفاصيل الخبر

رفعت اسرائيل من حجم التحدي وفتحت الباب مشرعًا أمام كل الاحتمالات

قراءة في الحدث سياسةُ حافةِ الهاويةِ بين "إسرائيل" و"حزب الله" تصل إلى ذروتها

02:58 م،01 أغسطس 2024

برنامج الانتاج المعرفي

قررت "إسرائيلُ" أن ترفع من حجم التحدي في سياسة حافة الهاوية التي تنتهجها في القتال مع "حزب الله" اللبناني، عبر تنفيذ عملية محاولة اغتيال للقيادي العسكري الأبرز في الحزب، فؤاد شكر "الحاج محسن"، وفي قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، أي موقع الارتكاز وعاصمة الفعل والقيادة ل"حزب الله"، ما يُحمِّل هذا الحدثَ أبعادًا عدة يمكن أن تجعله حدثًا دراماتيكيًّا قابلًا للتدحرج.

إن استشراف "إسرائيل" حرصَ "حزب الله" اللبناني على الامتناع عن دحرجة الأمور تجاه حرب شاملة وواسعة، ارتباطًا بشكل وطبيعة تعاطي الحزب مع عمليات الاغتيال التي طالت قائدين من أصل ثلاثة من أهم قادة الميدان العسكريين في الحزب، دفعَ الاحتلالَ إلى التجرؤ على زيادة الضغط ورفع وتيرة جباية الدم وتحقيق النقاط في خلال عملية الاشتباك المنضبط الجارية على حدود فلسطين الشمالية، مستفيدة من حجم حدث "مجدل شمس" وما رافقه من جوقة إعلامية استخدمت في خلالها "إسرائيلُ" الحدثَ بكثافة لتجهيز التبرير اللازم لهذا التجاوز الخطير.

من الصعب الجزم بأن رد "حزب الله" سيكون منضبطًا بحجم التقدير الإسرائيلي، وعلى الرغم من أنه غير معني بالذهاب إلى حرب واسعة وشاملة، فإنه من المعروف أن المقاومة الإسلامية في لبنان حاسمة جدًّا في فرض قواعد الاشتباك وتثبيت الخطوط الحُمر، والتي يقع في جوهرها عَدُّ استهدافَ الضاحية الجنوبية في بيروت التجاوزَ الذي لا يُمكن أن يُمرَّر، وبالتالي فإن "حزب الله" سيعمل على تصميم رد واضح وباتر يثبِّت عبره قواعدَ الاشتباك، ويثبِّت فيه انعدام تردده في رفع حجم ووتيرة التحدي والمواجهة والتعامل حتى مع سيناريو الحرب إن فُرِضَت عليه. وبتعويل "إسرائيل" ذاته على انعدام رغبة الحزب اللبناني على دحرجة الأمور في اتجاه الحرب الشاملة في المنطقة، يعي الحزب تمامًا أيضًا أن دولة الاحتلال لا تريد الذهاب إلى هذه الحرب، بل تسعى إلى تسجيل المزيد من النقاط لصالحها ضمن معادلة اشتباك مضبوطة، ما سيحفِّز الحزبَ للرد بشكل قوي ومؤثِّر.

ما لم يؤدِّ ردُّ "حزب الله" المحتوم حدوثه إلى خسائر بشرية كبرى في صفوف الاحتلال، فإن ارتدادات الحدث الحالي لن تتجاوز جولةً من تبادل الضربات الكبرى على مدار أيام محدودة، تعود بعدها الأمور إلى وتيرة الاشتباك المنضبط السابق الذي يتبادل فيه الحزبُ الضرباتِ مع جيش الاحتلال على حدود فلسطين المحتلة الشمالية ضمن الجبهة الإسنادية التي دشنها الحزب تضامنًا مع قطاع غزة والتي لن تتوقف إلى حين انتهاء هذا العدوان.

سياسيًّا، ترى الإدارة الأمريكية في احتمالات تدحرج الشرق الأوسط نحو انفجار كبير في هذا التوقيت بالذات كابوسًا كبيرًا، ما يجعل من الحدث الحالي التصعيدَ الأقصى الذي يُمكن أن يدحرج الأمور إلى هذا الاحتمال، والذي هو في كل تجلياته شكل من أشكال الارتدادات المستمرة لاستمرار العدوان على قطاع غزة، ما سيجعل من الحدث الحالي وجولة القتال التصاعدي المُتوقعة في خلال الأيام القادمة عاملًا مهمًّا سيُحرِّك المياهَ التفاوضيةَ تحريكًا كبيرًا، ويزيد من فعالية التحرك الأمريكي مع الوسطاء لإنجاز اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وبالتالي وقفًا للتفاعلات التي يمكن أن تؤدي إلى حرب إقليمية في المنطقة.