تتشابه أهداف الاحتلال الإسرائيلي في حرب تموز مع أهداف الأحداث الجارية في جبهة لبنان ضمن معركة "طوفان الأقصى"

إحاطة معلوماتية ما هو القرار 1701 المرتبط مع جبهة لبنان؟

04:36 ص،02 نوفمبر 2024

برنامج الرصد والتوثيق

يدور الحديث في أروقة جلسات التفاوض المرتبطة بساحة المواجهة بين المقاومة التي يقودها حزب الله في لبنان مع الاحتلال الإسرائيلي حول إمكانية تطبيق القرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 11 أغسطس/آب 2006، والمرتبط بأحداث حرب تموز/يوليو 2006 التي استمرت نحو 34 يومًا عقب شنِّ حزب الله عملية أطلق عليها اسم "الوعد الصادق"، والذي أسر حزب الله على إثرها إسرائيليين، وبدأت بعدها معركة تعددت فيها الأهداف الإسرائيلية التي لم تتحقق، وأفضت نهاية المواجهة إلى صدور قرار مجلس الأمن رقم 1701.

تتشابه أهداف الاحتلال الإسرائيلي في حرب تموز مع أهداف الأحداث الجارية في جبهة لبنان ضمن معركة "طوفان الأقصى"، التي تشكِّل فيها جبهة لبنان حالة إسناد، إذ أعلن الاحتلال عزمه تحطيم قدرات حزب الله العسكرية، ودفعه إلى العودة إلى ما وراء نهر الليطاني، وتأمين عودة المستوطنين المهجَّرين من مستوطنات شمالي الأراضي الفلسطينية المحتلة، غير أن ذلك كلَّه لم يحدث في العام 2006، بل لم تهدأ الحرب إلا بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 1701 بإجماع أعضائه.

توضِّح ورقة الإحاطة المعلوماتية التالية، من إنتاج مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي، أبرز الأمور المتعلقة بالقرار، من حيث الهدف، والبنود، والمواقف، والخروقات، وعلاقة القرار بمشهد التصعيد الجاري منذ أعلن الاحتلال الإسرائيلي في 30 أيلول/سبتمبر الماضي هجومًا برِّيًا على جنوبي لبنان.

ما القرار 1701؟

يهدف القرار 1701 إلى ما وُصِف بـ"إنهاء النزاع بين حزب الله وإسرائيل"، إذ دعا القرار إلى وقف فوري للقتال، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوبي لبنان بالتزامن مع انتشار الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" في المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والخط الأزرق (الخط الفاصل بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة). كما طالب القرار بنزع سلاح "المجموعات المسلحة" في لبنان ومنع أية قوات أجنبية من العمل داخل لبنان دون موافقة حكومته، لتعزيز سيادة الدولة اللبنانية وضمان عدم وجود أية سلطة خارج إطارها الرسمي.

أعلن حزب الله احترامه تطبيق القرار، في حين رحَّبت به الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وجامعة الدول العربية التي كانت حينها جزءًا من صياغة القرار وإجراء تعديلات عليه، وصادقت الحكومة الإسرائيلية حينها على تنفيذه.

  1. ما أبرز بنود القرار؟
  2. الدعوة إلى الوقف التام والفوري للأعمال القتالية، خاصةً وقف جميع الهجمات التي ينفِّذها حزب الله، ووقف "إسرائيل" عملياتها العسكرية الهجومية جميعها.
  3. مطالبة الحكومة اللبنانية وقوة الأمم المتحدة "اليونيفيل" بنشر قواتهما في مناطق الجنوب فور وقف إطلاق النار، مع مطالبة حكومة "إسرائيل" بسحب جميع قواتها من جنوبي لبنان بالتوازي مع بدء نشر القوات اللبنانية وقوات الأمم المتحدة.
  4. بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية وممارسة سيادتها عليها وفق أحكام القرار 1559 والقرار 1680 للعام 2006، والأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، ومنع تداول الأسلحة أو استخدامها دون موافقة الحكومة.
  5. تأييده الشديد للاحترام التام للخط الأزرق.
  6. تأكيد جميع القرارات السابقة ذات الصلة الشديد بشأن سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دوليًّا حسب اتفاقية الهدنة العامة بين "إسرائيل" ولبنان والموقَّعة في مارس/آذار 1949.
  7. دعوة المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات فورية لمد الشعب اللبناني بالمساعدة المالية والإنسانية، وتسهيل طريق العودة الآمنة للمشردين، وإعادة فتح المطارات والموانئ تحت سلطة الحكومة اللبنانية، والمساهمة في إعمار لبنان وتنميته.
  8. مسؤولية جميع الأطراف عن كفالة اتخاذ أي إجراء يخالف قرار وقف إطلاق النار، وقرار وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين، والمرور الآمن لقوافل المساعدة الإنسانية، والعودة الطوعية للمشردين، ومطالبة جميع الأطراف بالالتزام والتعاون مع مجلس الأمن.
  9. يدعو القرار "إسرائيل" ولبنان إلى وقف دائم لإطلاق النار وحل طويل الأمد يستند إلى العناصر الآتية:
  • الاحترام التام للخط الأزرق، وهو الحدود المعترف بها دوليًّا بين "إسرائيل" ولبنان، وضمان ألَّا تحدث انتهاكات من الطرفين.
  • اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، وإنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أية أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
  • منع وجود قوات أجنبية في لبنان دون موافقة الحكومة.
  • تزويد الأمم المتحدة بجميع الخرائط المتبقية للألغام في الأراضي اللبنانية الموجودة في حوزة "إسرائيل".
  • وفي مقابلة صحفية في يوليو/تموز 2007، عَدَّ الأمين العام السابق لحزب الله، الشهيد حسن نصر الله، أن القرار حقَّق الحد الأدنى من المطالب اللبنانية في حينه، قائلًا: "لو كان لدينا قيادة سياسية وحكومة منسجمة ووطنية مخلصة وتفتش عن سيادة لبنان لانتهت الحرب بشروط لبنان، وكل المعطيات تؤكد ذلك، ولفرضنا شروطنا، ولكن للأسف المعركة السياسية كانت في الداخل، وليست في مجلس الأمن".

أبرز خروقات القرار

لم تتوقف "إسرائيل" عن اختراق القرار طوال ثمانية عشر عامًا ماضية، إذ سجَّل لبنان نحو 39 ألف خرقٍ، وفق ما كشفه الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم. وقد بدأت الخروقات من جانب "إسرائيل" مبكرًا على الرغم من الهدوء النسبي الذي أعقب صدور القرار، من خلال طلعات الاستطلاع الجوية الإسرائيلية الدورية في سماء لبنان بحجة مراقبة تحركات حزب الله، ما دفع الحزب إلى الحفاظ على جزءٍ من قوَّته العسكرية في مناطق جنوبي لبنان "جنوب نهر الليطاني" -التي لم تكن علنية في غالب الأوقات- خشية من أي اعتداء إسرائيلي، خاصةً أن الخروقات توسَّعت من المجال الجوي إلى البحري، وأحيانًا إلى البري عبر التوغل ولو بشكل محدود في مناطق الخط الأزرق، واستهداف قوات "اليونيفيل".

عاد الحديث عن ضرورة تطبيق قرار 1701 والخروقات المرتبطة فيه في النصف الأول من العام الماضي، إذ راقب حزب الله خروقات إسرائيلية برِّية بحق الأراضي اللبنانية، تحديدًا في الأجزاء الشمالية من قرية "الغجر"، حيث عمد الاحتلال الإسرائيلي إلى بناء جدار إسمنتي في محيط القرية، ما دفع الحزب إلى إقامة خيمتين في مزارع شبعا المحتلة. وقالت قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية، في 21 يونيو/حزيران العام الماضي، إن قوة من حزب الله "اجتاحت أراضي دولة إسرائيل السيادية في قطاع جبل دوف (مزارع شبعا المحتلة)، وأقامت موقعًا عسكريًّا مسلحًا هناك"، في إشارة إلى الخيمتين. فيما بقي المشهد متوترًا على حاله وعلى أعتاب تصعيد عسكري بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، إلى أن انطلقت معركة "طوفان الأقصى"، ودخل فيها الحزب اللبناني في 8 من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي ضمن جبهة الإسناد.

ما علاقة القرار 1701 بالمفاوضات الحالية؟

تداعت الدول الغربية، على رأسها فرنسا والولايات المتحدة، إلى محاولة رأب الصدع وتخفيف حدَّة التوتر، والوصول إلى عقد اتفاق يقضي بوقف المواجهة، التي انتقلت من دائرة الإسناد إلى دائرة المواجهة الواسعة بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي منذ "ضربة البيجر" التي نفَّذتها "إسرائيل" في سبتمبر/أيلول المنصرم بحق أفراد وعناصر وكوادر الحزب، إذ تدحرجت المواجهة بعد تنفيذ عدة اغتيالات في قيادة الحزب طالت أمينه العام حسن نصر الله، وقادة عسكريين وسياسيين مثل فؤاد شكر وهاشم صفي الدين.

على ضوء ذلك، ردَّ حزب الله باستهداف مواقع عسكرية حساسة إسرائيليًّا، واستهداف منزل رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وتوسيع دائرة المستوطنات المستهدَفة، وزيادة عدد "المهجَّرين" الإسرائيليين فيها، وجعل حيفا ضمن أكثر المناطق المستهدَفة في مرمى نيران الحزب اللبناني.

ودفعت مرحلة الصدام المباشر بإعلان الاحتلال مواجهة برِّية في لبنان إلى أن تسارع الولايات المتحدة عبر مبعوثها إلى لبنان، عاموس هوكشتاين، إلى محاولة التوصل إلى حلٍّ يفضي إلى وقف لإطلاق النار على قاعدة تطبيق القرار 1701.

غير أن حديث هوكشتاين، الذي أكد في لقاءات عديدة مع الساسة اللبنانيين أن الحلَّ يكمن في تطبيق القرار، تعارَض مع تصريحات إسرائيلية تهدف إلى التوصل إلى قرار جديد عنوانه "1701 بلس"، إذ حاول الأخير تمرير بعض التعديلات على القرار وفرضها على لبنان، إلا أن رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه برِّي (والذي أعلن حزب الله على لسان أمينه العام نعيم قاسم بأنه المفوَّض نيابة عن الحزب في الملف التفاوضي)، قد رفض إجراء أي تعديل على القرار وفق ما يريد الاحتلال الإسرائيلي.

كما أعلن حزب الله على لسان عدد من قادته أن الحزب لا يقبل بالتفاوض تحت النار، إذ يزداد الاستهداف الإسرائيلي وتتوسع الغارات الجوية كلما دار حديث متقدم حول المفاوضات، فيما أكَّد قاسم في مرَّات عديدة أن مطلب الحزب بوقف إطلاق النار في لبنان ضروري كما هو في قطاع غزة، وذلك ردًّا على المساعي الإسرائيلي الأمريكية الهادفة إلى إجراء هدنة مدَّتها ستين يومًا على قاعدة تطبيق البنود التي تضمَّنت خروقات في القرار 1701، مع إجراء بعض التعديلات على القرار، أبرزها السماح للطيران الجوي الإسرائيلي بتنفيذ عمليات استطلاع فوق لبنان.