لم تقدم أي من الإدارات الأمريكية أية مساهمة حقيقية في إطار محاولة إنصاف الشعب الفلسطيني وحقه التاريخي، في الوقت الذي لم تتوانَ عن فعل ما يلزم لدعم الاحتلال الإسرائيلي وسياساته التوسعية. تعكس هذه المواقف السياسات الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى الضغوط من اللوبيات المؤثرة والعلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة و"إسرائيل". تستعرض هذه الورقة، من إعداد برنامج الرصد والتوثيق في مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي، أبرزَ مواقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة من القضية الفلسطينية منذ نكبة الشعب الفلسطيني في 1948 حتى اليوم الراهن ضمن تسلسل زمني.
إدارة هاري ترومان: (1945-1953)
- 1948: اعترفت الولايات المتحدة بـ"إسرائيل" بعد إعلان تأسيسها ونكبة الشعب الفلسطيني بوقت قصير، وكانت أول دولة تعترف بها.
- 1949: صوتت الولايات المتحدة لصالح قرار الأمم المتحدة 194، الذي دعا إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين، لكن لم تتابع دعم تنفيذ القرار لاحقًا.
إدارات دوايت آيزنهاور وجون كينيدي وليندون جونسون: (1953-1969)
- حافظت هذه الإدارات على سياسة دعم "إسرائيل"، وقدمت إدارة جونسون دعمًا عسكريًّا مباشرًا لها، ما عزز من قوة "إسرائيل" في الشرق الأوسط.
- 1967: بعد حرب الأيام الستة، لم تعارض الولايات المتحدة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وبدأت علاقتها بـ"إسرائيل" تأخذ منحىً استراتيجيًّا أكثر وضوحًا.
إدارتا ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد: (1969-1977)
- شهدت العلاقات مع "إسرائيل" تعزيزًا من ناحية الدعم العسكري، إذ زُوِّدَت بأحدث الأسلحة.
- مع ذلك، طرحت الولايات المتحدة في هذه الفترة فكرة حل الدولتين، لكن لم يُترجم ذلك إلى مبادرات ملموسة لدعم إقامة دولة فلسطينية.
إدارة جيمي كارتر (1977-1981) :
- 1978: نجحت الولايات المتحدة في التوسط لاتفاقية كامب ديفيد بين مصر و"إسرائيل"، وأصبح كارتر أول رئيس أمريكي يطرح صراحة فكرة إقامة دولة فلسطينية.
- 1979: رفضت الولايات المتحدة قرار الأمم المتحدة 446 الذي يدين المستوطنات الإسرائيلية.
إدارة رونالد ريغان: (1981-1989)
- واصلت تقديم الدعم العسكري والاقتصادي لـ"إسرائيل"، بينما أبقت على موقفها الرسمي الذي يدعو إلى تجميد الاستيطان.
- 1988: وافقت الولايات المتحدة لأول مرة على إجراء محادثات مع منظمة التحرير الفلسطينية.
إدارة بيل كلينتون: (1993-2001)
- 1993: لعبت الولايات المتحدة دورًا رئيسيًّا في توقيع اتفاقية أوسلو بنصوصها المجحفة للشعب الفلسطيني، التي أُقيمت بموجبها سلطة حكم ذاتي للفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية تحت مسمى السلطة الوطنية الفلسطينية.
- 1995: وافق الكونغرس الأمريكي على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لكن التنفيذ تأجل لاحقًا.
- 2000: شارك كلينتون في محاولة التوصل إلى "حل دائم" في قمة كامب ديفيد الثانية بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل"، شملت تقديم الفلسطينيين لتنازلات جوهرية، لكنها فشلت بسبب الخلافات حول القدس واللاجئين، وشكلت أحد أسباب اندلاع انتفاضة الأقصى.
إدارة جورج بوش الابن (2001-2009) :
- 2002: أطلق بوش "رؤية حل الدولتين" التي حملت اسم "خارطة الطريق"، لكنه عدَّ أن إقامة دولة فلسطينية مشروطة بوقف المقاومة الفلسطينية، دون الطلب من "إسرائيل" تقديم أية التزامات بوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني.
- 2004: أيَّد بوش رسميًّا ضم بعض المستوطنات الكبرى لـ"إسرائيل" كجزء من أي اتفاق سلام نهائي.
- 2008: واصل الدعم العسكري لـ"إسرائيل"، مع التركيز على محاربة تعزيز التنسيق والتعاون لمحاربة قوى المقاومة الفلسطينية.
إدارة باراك أوباما (2009-2017) :
- 2009: دعا أوباما إلى تجميد الاستيطان ووقف التوسع الاستيطاني كجزء من جهود تحقيق السلام، دون اتخاذ إجراءات حقيقية لوقف فرض الاحتلال وقائع على الأرض في الضفة الغربية والقدس، واشتداد الحصار على قطاع غزة.
- 2011: استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد قرار يدين المستوطنات الإسرائيلية.
- 2016: امتنعت إدارة أوباما عن التصويت على قرار الأمم المتحدة 2334، الذي يَعُدُّ المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية غير شرعية.
إدارة دونالد ترامب (2017-2021):
- 2017 : أعلن ترامب القدس عاصمة لـ"إسرائيل"، ونقل السفارة الأمريكية إليها.
- 2018: إغلاق مكتب منظمة التحرير في الولايات المتحدة، وإيقاف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".
- 2020 : قدَّم خطة "صفقة القرن"، التي تضمنت بنودًا تتيح لـ"إسرائيل" ضم أجزاء من الضفة الغربية، وعدَّت مدينة القدس العاصمة الموحدة لـ"إسرائيل".
- 2020 : لعب دورًا في تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" وعدة دول عربية في ما سمي "اتفاقيات أبراهام"، ما عُدَّ تعميقًا للتحالفات الإقليمية المؤيدة لـ"إسرائيل" وتعميقًا لفكرة تجاوز الشعب الفلسطيني وحقوقه.
إدارة جو بايدن: (2021-2024)
- 2021: أعادت إدارة بايدن فتح القنصلية الأمريكية في القدس لخدمة الفلسطينيين، لكنها لم تتراجع عن الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل".
- 2021: قدم بايدن دعمًا غير محدود للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وزار "إسرائيل" وأكد التزام الولايات المتحدة بأمنها.
- قدم موقفًا علنيًّا ضد التوسع الاستيطاني، لكنه لم يفرض أية قيود على بناء المستوطنات.
- 2023: شاركت إدارة بايدن مشاركة مباشرة، وبمتابعة مباشرة منه، قدمت فيها دعمًا غير محدود لحرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وصل إلى حد المشاركة الفعلية لقوات أمريكية في الجهود الميدانية والاستخباراتية والحشودات العسكرية في الشرق الأوسط.
خاتمة
تتسم السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية عمومًا بالثبات المنحاز انحيازًا فاضحًا للاحتلال الإسرائيلي، فيما لا تُظهر الإدارات الأمريكية تباينًا إلا في بعض القضايا الخطابية دون أية إجراءات فعلية، إذ حافظ معظمها على الدعم الكبير لـ"إسرائيل"، مع اتخاذ مواقف شكلية في بعض الأحيان من حقوق الشعب الفلسطيني، ولم تتخذ أية إدارة أمريكية أي إجراء حقيقي من شأنه المساهمة في وقف الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني، كما لم يقف أي من تلك الإدارات موقف الحياد من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يمكن أن يؤهلها لأن تكون وسيطًا نزيهًا، وكانت على الدوام وسيطًا مصمِّمًا على الإمساك بأوراق التفاوض لضمان استمرار الانحياز المطلق لدولة الاحتلال.
على الرغم من ادعاء العديد من الإدارات الديمقراطية للبيت الأبيض تمسُّكها بحل الدولتين، ورفض التوسع الاستيطاني، فالواقع أن سياسة كلا الحزبين في الولايات المتحدة سياسة ثابتة تتضمن ترك العنان للاحتلال الإسرائيلي للمزيد من التوسع الاستيطان وابتلاع الأرض الفلسطينية وفرض الوقائع، دون أية محاولة جدية للتصدي لهذه الإجراءات، فيما لم تتوانَ الإدارات الأمريكية عن تقديم كل الدعم العسكري اللازم لـ"إسرائيل" للاستمرار في المزيد من الجرائم والقتل بحق الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده.