الرئيسية| قراءة في الحدث| تفاصيل الخبر

تداخل العوامل وسط بحث الاحتلال عن ربح صافي

قراءة في الحدث تطورات المشهد وحدود الخيارات بعد انقضاء المرحلة الأولى من التهدئة

11:22 ص،03 مارس 2025

برنامج الانتاج المعرفي

بالمجمل، من الواضح أن الحسابات السياسية الداخلية لبنيامين نتنياهو، إلى جانب المؤشرات الدولية المحيطة، لا تشجعه على المضي قدمًا نحو المرحلة الثانية من الاتفاق، ولا اتخاذ أي خطوة قد تفضي إلى وقف كامل ونهائي للحرب.

نتنياهو يدرك أن الدخول في مثل هذا المسار قد يهدد استقرار ائتلافه الحكومي، وهو أمر لا يملك المخاطرة به، خاصة في ظل طموحاته الاستراتيجية المتزايدة التي توسعت مع تطورات المشهد الإقليمي، وتعززت أكثر مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض والتصريحات المتتالية الداعمة للطموحات اليمينية الصهيونية.

ولا يمكن في هذا السياق تجاهل التحول الذي أحدثه السابع من أكتوبر في العقيدة الأمنية الإسرائيلية، والتي بات جوهرها رفض السماح بنشوء أي معادلة لمراكمة القوة على حدود الأراضي المحتلة، سواء في غزة أو لبنان أو سوريا، أو حتى في محيطات أخرى تُعتبر "هادئة" حاليًا.

هذا الواقع المعقد يفرض العديد من العوامل الحاسمة قبل الخوض في أي مرحلة جديدة من التهدئة في قطاع غزة، وعلى رأسها مستقبل الحكم في القطاع. فالوضع القائم حاليًا لا يرضي "إسرائيل"، ولا الولايات المتحدة، ولا حتى الدول العربية المنخرطة في مسار التطبيع، ما يعني أن استمرار غموض هذا الملف يمنح الاحتلال هامشًا واسعًا للتنصل من التزاماته، وإبقاء احتمالات التصعيد قائمة، حتى لو كان ذلك عبر تصعيد جزئي محدود يرتكز أساسًا على الضربات الجوية. وهو سيناريو مرشح للاستمرار حتى في حال استكمال مراحل الاتفاق، إذ سيواصل الاحتلال التمسك بسياسة "العمليات الوقائية" بين حين وآخر.

وفي قلب هذه المعادلة الحساسة، يبرز ملف سلاح المقاومة كواحد من أعقد الملفات وأكثرها تفجيرًا. فهذا العنوان، الذي لا تقبل المقاومة إدراجه أصلًا على طاولة النقاش، يفتقر لأي مساحة مرونة، وأي إصرار أميركي على طرحه سيشكّل معضلة إضافية في مسار أي اتفاق محتمل.

في ظل هذه الصورة المعقدة، تظل أوراق المقاومة محدودة، وتبقى ورقة الأسرى هي الورقة الجوهرية الأهم. غير أن هذه الورقة ليست مفتوحة على إطلاقها، ولا يُتوقع أن توافق المقاومة على طرح مثل مقترح الإفراج عن "نصف الأسرى" في اليوم الأول. فالمسألة ليست فقط في الأعداد، بل أيضًا في معايير التبادل وقيمة الثمن المطلوب مقابل كل أسير، خصوصًا من فئة الجنود والشباب، وهو ملف يحتاج إلى نقاش دقيق ومفاوضات معقدة، خاصة في ظل محاولات الاحتلال التمسك بمفاتيح المرحلة الأولى، وهو ما ترفضه المقاومة بشكل قاطع.

من جهة أخرى، لا يبدو أن المقاومة تعارض فكرة تمديد المرحلة الأولى من التهدئة من حيث المبدأ، لكن قبولها مشروط بتحقيق ثمن مناسب. هذا الثمن يرتبط بعدد الأسرى المفرج عنهم، وجدول زمني واضح للانسحاب الإسرائيلي، لا سيما من محور فيلادلفيا، وهو عنوان مركزي وحاسم في أي تفاهم مقبل. وإذا ما تحقق ذلك، فقد نكون أمام إمكانية واقعية لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق.

في المقابل، يترقب الاحتلال مدى الدعم الذي قد توفره له إدارة ترامب في حال تعطلت الاتفاقات وفشلت التهدئة، بينما تنتظر حركة "حماس" مآلات الخطة العربية المرتقبة بشأن مستقبل قطاع غزة. وهذه المسارات مجتمعة ستحدد ملامح المرحلة المقبلة، وترسم موازين الحركة بين استمرار التهدئة أو العودة إلى التصعيد.