صفقة التبادل، إصلاحات السلطة، والتصعيد العسكري في غزة

تقرير من غزة إلى رام الله: الإعلام العبري يوثق ارتدادات الحرب على مستقبل النظام الفلسطيني

11:39 ص،15 ابريل 2025

برنامج الرصد والتوثيق

تسارعت في الساعات الأخيرة وتيرة التغطية الإعلامية العبرية لتطورات الملف الفلسطيني، وتحديدًا ما يتعلق بمستقبل السلطة الفلسطينية، والمفاوضات حول صفقة تبادل جديدة، وتصاعد الضغوط العسكرية على غزة، وما رافقها من تحركات سياسية ودبلوماسية إسرائيلية ودولية. في هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز ما ورد في وسائل الإعلام العبرية، مع تحليل لمضامينها وانعكاساتها السياسية والميدانية.

إصلاحات السلطة الفلسطينية وانتخابات نائب الرئيس

تناولت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إعلان انعقاد المجلس المركزي لمنظمة التحرير في 23 نيسان، كاجتماع استثنائي سيُنتخب خلاله نائب للرئيس أبو مازن، وذلك استجابة لضغوط دولية داخلية وخارجية، وفي سياق إعادة تنظيم القيادة الفلسطينية تحسبًا لمرحلة ما بعد الحرب. ورُشحت ثلاثة أسماء للمنصب: حسين الشيخ، جبريل الرجوب، وروحي فتوح، وسط إشارات إلى أن الخطوة تأتي ضمن ما اعتُبره التقرير "أوسع إصلاحات إدارية عرفتها السلطة".

الضغوط الفرنسية والتحركات الأوروبية لإعادة تفعيل مسار الدولتين

أفادت التقارير بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مارس ضغوطًا مباشرة على الرئيس عباس لتعيين نائب وإعادة توحيد حركة فتح، بما يشمل إعادة المفصولين مثل محمد دحلان وناصر القدوة. ووفق ما نقلته "هآرتس"، وعد ماكرون بأن فرنسا تدرس الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأشهر المقبلة، مع التأكيد على أهمية مؤتمر يونيو المتوقع كمحطة للعودة إلى مسار حل الدولتين. في المقابل، شككت الدوائر الإسرائيلية بجدية الطرح الفرنسي، واعتبرته "رمزيًا" يفتقر إلى أدوات تنفيذية.

تفاصيل مقترح الصفقة الإسرائيلية – تسلسل زمني مدروس واشتراطات استراتيجية

كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" وقنوات أخرى تفاصيل المقترح الإسرائيلي الذي سُلّم لحماس عبر الوسيط المصري، ويتضمن وقف إطلاق نار مؤقتًا لـ45 يومًا مقابل إطلاق سراح أسرى إسرائيليين، والإفراج عن أسرى فلسطينيين، وبدء مفاوضات حول نزع سلاح غزة. من أبرز بنود الاقتراح:

- إطلاق الأسير الأمريكي عيدان ألكسندر في اليوم الأول كبادرة تجاه واشنطن.

- في اليوم الثاني: إطلاق 5 أسرى إسرائيليين مقابل 66 أسيرًا مؤبدًا و611 أسيرًا من غزة.

- اليوم الثالث: بدء التفاوض حول "اليوم التالي" الذي يشمل نزع السلاح ووقف دائم لإطلاق النار.

- اليوم السابع: إطلاق 4 رهائن مقابل 54 أسيرًا مؤبدًا و500 من غزة.

- اليوم العاشر: تبادل معلومات حول الأسرى.

- اليوم العشرون: إطلاق 16 أسير قتيلًا مقابل 160 جثمانًا فلسطينيًا.

- اليوم الخامس والأربعون: إنهاء المفاوضات حول وقف دائم، يليها الإفراج عن بقية الأسرى.

الوثيقة تؤكد على منع الاحتفالات المصاحبة للإفراج، وإنشاء آلية لتوزيع المساعدات على المدنيين فقط. وتشير إلى إعادة انتشار الجيش في رفح وشمال غزة تدريجيًا بالتوازي مع تقدم الصفقة.

تقديرات إسرائيلية – الصفقة ممكنة خلال أسابيع والضغط يؤتي ثماره

نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصدر أمني إسرائيلي أن إبرام الصفقة قد يتم خلال أسبوعين إلى ثلاثة، رغم وجود فجوات كبيرة، خاصة بشأن عدد الأسرى. وذكر المصدر أن الضغوط العسكرية أضعفت قدرات حماس اللوجستية، وأدت إلى حالة من الغضب الشعبي، ما يعزز فرص قبول الصفقة. وأضاف: "ليس لديهم خيار.. الضغط المركّب سيجبرهم على القبول".

تصعيد ميداني واسع في غزة وتحولات ميدانية

رصدت وسائل الإعلام العبرية توسيع العمليات البرية في غزة، خاصة في شمال القطاع ورفح ومحور موراج. وأفادت قناة 14 بأن اللواء 401 عزز قبضته في مناطق رئيسية، وأن سلاح الجو نفذ أكثر من 100 غارة خلال أيام عيد الفصح. وتشير التقديرات إلى أن هذه العمليات تهدف لفرض معادلة جديدة قبيل عقد أي صفقة.

ملف المستشفيات – شرعنة الاجتياح عبر الخطاب الأمني

زعم تقرير نشره موقع "واللاه" أن الجيش الإسرائيلي اضطر للعمل في "كل مستشفيات القطاع تقريبًا"، متهمًا فصائل المقاومة باستخدامها لأغراض عسكرية، وأشار التقرير بشكل خاص إلى اقتحامات مستشفى الشفاء. وتحدث عن منشور لمدير تمريض في مستشفى ناصر، تم تهديده من قبل عناصر من الجهاد الإسلامي بعد انتقاده للوجود المسلح في المستشفى، في محاولة لبناء سردية تبرر استهداف المنشآت الطبية.

مصادرة ممتلكات المعتقلين – غياب الشفافية وتجاهل القانون

أقرت صحيفة "هآرتس" أن الجيش الإسرائيلي صادر آلاف الأغراض من المعتقلين الغزيين، دون تقديم معلومات عن طبيعة وحجم هذه المصادرات أو آلية الاحتفاظ بها، ما يثير تساؤلات قانونية حول سلوك الجيش في التعامل مع المدنيين.

تعزيز الجاهزية العسكرية – شحنات أميركية كبرى

أشارت "يديعوت" إلى أن إسرائيل ستحصل قريبًا على أكثر من 3000 قطعة ذخيرة لسلاح الجو من الولايات المتحدة، ضمن الاستعداد لمراحل لاحقة في غزة، وللتعامل مع احتمالات التصعيد مع إيران. كما تم الإعلان عن صفقة لبيع محركات ناقلات "إيتان" المدرعة بقيمة 180 مليون دولار.

ضغوط داخلية أميركية لصالح إسرائيل – جامعة هارفارد نموذجًا

كشفت وسائل إعلام عبرية عن تجميد وزارة التعليم الأميركية منحًا بقيمة 2.2 مليار دولار لجامعة هارفارد، بسبب موقفها من قضايا تتعلق بـ"معاداة السامية"، في مشهد يعكس تسييس المساعدات كأداة ضغط لصالح إسرائيل.

تحركات من داخل المؤسسة العسكرية – رسائل لإيقاف الحرب

وقع جنود احتياط من وحدة الكوماندوز البحرية على رسالة تطالب بوقف الحرب والإفراج عن الأسرى فورًا، ولو تطلّب ذلك وقفًا فوريًا لإطلاق النار. وتأتي هذه الرسالة استكمالًا لموقف أعلنه سابقًا طيارون احتياط، ما يُظهر اتساع دائرة التشكيك داخل المؤسسة العسكرية في جدوى استمرار القتال.

الحملة على الأونروا – محاولة قانونية جديدة لتجريمها

قدّم أعضاء في الكونغرس الأميركي مشروع قانون جديد بقيادة تيد كروز يسعى إلى رفع الحصانة القانونية عن الأونروا بزعم دعمها لحماس، في خطوة تشكّل تطورًا خطيرًا في مساعي تصفية الوكالة وتجريم العمل الإنساني في غزة.

 

تعقيب: في ضوء ما رصدته التغطيات الإعلامية العبرية، يتضح أن إسرائيل تقف أمام مفترق مركّب، يجمع بين مساعي فرض شروط إنهاء الحرب، وترسيخ مكاسب ميدانية، وبين الحاجة إلى التعاطي مع ضغوط داخلية وخارجية متصاعدة تدفع نحو إنجاز صفقة تبادل وبلورة ملامح سياسية لـ"اليوم التالي". وفي الوقت الذي تحاول فيه القيادة الإسرائيلية استخدام أدوات القوة العسكرية لفرض معادلات استراتيجية على الأرض، تكشف النقاشات الداخلية والتسريبات الإعلامية عن تآكل في الثقة بمردود استمرار الحرب، بل وتزايد الأصوات التي ترى أن حسم المعركة قد لا يكون عسكريًا بقدر ما هو سياسي وتفاوضي. وبينما تُملي التغطيات الإعلامية سردية مشروطة إسرائيليًا للتهدئة وإعادة الإعمار، تتبلور في المقابل معادلات فلسطينية وإقليمية ودولية مضادة، ما يجعل من المرحلة المقبلة ميدانًا لصراع الإرادات أكثر من كونه مجرد ترتيبات ميدانية أو تفاهمات مؤقتة.