الرئيسية| عروبة ترجمان| تفاصيل الخبر

المصدر : يديعوت أحرونوت

عروبة ترجمان التحالف السعودي - الباكستاني: هل يُعتبر إشارة إلى إسرائيل

02:25 م،26 سبتمبر 2025

برنامج الرصد والتوثيق

أثار توقيع اتفاقية الدفاع بين السعودية وباكستان هذا الأسبوع، وبحق، عناوين عريضة. ويُعدّ البند المركزي، الذي ينص على أن أي هجوم على إحداهما سيُعتبر هجوماً عليهما معاً، تصريحاً دراماتيكياً، أشبه بنسخة إسلامية للمادة الخامسة من حلف الناتو

 لكن خلف الصيغة الدراماتيكية تختبئ حقيقة معقدة: فالاتفاقية، أكثر من كونها ثورة استراتيجية، تكشف جانباً من علاقة أمنية واقتصادية ممتدة منذ أعوام طويلة، تقوم على غموض متعمد.

تحتفظ باكستان بوجود عسكري في السعودية منذ عشرات الأعوام. ففي الوقت الراهن، يتمركز في المملكة ما بين 1500 و2000 جندي باكستاني في مهمات تدريب واستشارة وحماية. ومنذ ستينيات القرن الماضي، درّبت باكستان آلاف الجنود السعوديين، وأرسلت وحدات إلى الأراضي السعودية في أوقات الأزمات للدفاع عن حدودها. تأتي الاتفاقية الحالية امتداداً لهذا المسار من التعاون الوثيق، أكثر مما تشكل نقطة تحوُّل حقيقية.

أمّا في البُعد النووي، وهو البُعد الأكثر حساسيةً، فإن الاتفاقية لا تبدد الغموض، وربما عن قصد، فالتلميحات إلى "مظلة نووية" باكستانية للسعودية، طوال أعوام، ما زالت ترافق النقاش، في ضوء العلاقات التاريخية بين الدولتين في هذا المجال، ولا سيما الدعم المالي السعودي لباكستان عموماً، ولبرنامج تخصيب اليورانيوم الباكستاني على وجه الخصوص. غير أن الاتفاقية التي أُعلن توقيعها لا تتضمن أي إشارة إلى سلاح نووي. وتصرّ باكستان على أن سلاحها النووي مخصص لردع الهند فقط، لا ليكون مظلة إقليمية. قد ترى السعودية في باكستان ورقة ضمان نووية مستقبلية، لكن هل ترى باكستان الأمر بالطريقة نفسها؟ المفارقة أن إعلان التحالف يزيد في حجم التكهنات، إذ تعود إلى الواجهة الأسئلة التي طُرحت في الماضي داخل الغرف المغلقة.

إن توقيت التوقيع ليس مصادفة، وهو بدوره يساهم في زيادة المخاوف. فالهجوم الاستثنائي الذي شنّته إسرائيل على قطر، يهزّ دول الخليج ويعزز علامات الاستفهام عن مدى موثوقية الولايات المتحدة كراعٍ أمني. وفي الوقت نفسه، يبدو كأن إيران وإسرائيل تستعدان لجولة مواجهة جديدة، بينما يصعّد الحوثيون في اليمن هجماتهم، وقد يُفكَّك بعض الصواريخ التي أُطلقت نحو إسرائيل فوق الأجواء السعودية. في ظل حرب إقليمية مستمرة، تسعى الرياض للتوضيح أنها غير معزولة: فهي تستند إلى حليفة مسلمة كبيرة، وقوية، وذات قدرات نووية.

ومع ذلك، لا يجوز أن نُخدَع، فالاتفاقية ليست التزاماً غير مشروط. لقد أظهرت باكستان في الماضي أنها قادرة على وضع خطوط حمراء أمام الرياض عندما ترى أن المصلحة الوطنية تقتضي ذلك، على سبيل المثال، قرارها في سنة 2015 بشأن عدم الانضمام إلى حرب اليمن، وبالطريقة نفسها، لن تسارع السعودية إلى التدخل عسكرياً في مواجهة هندية - باكستانية في كشمير. هذا التحالف هو إعلان سياسي، أولاً وقبل كل شيء: رسالة ردع للخصوم، وتهدئة للمواطنين، وتذكير للولايات المتحدة بأن الخليج يبحث عن بدائل أمنية إضافية.

لقد شكّلت العلاقة بين السعودية وباكستان رمزاً للغموض الاستراتيجي على مدى أعوام طويلة: تمويل سعودي سخي، واعتمادات نفطية، ودعم اقتصادي متشابك، مع علاقات أمنية غير معلنة، من دون الحاجة إلى إعلان علني. أمّا الاتفاقية الجديدة، فقد غيّرت الصورة جزئياً، فلأول مرة، يتم إعلان بند واضح للدفاع المتبادل بشكل صريح، ومع ذلك، حتى بعد كشف "المستور"، فإن الغموض لم يختفِ، بل بالعكس، تبرز أسئلة جديدة: كيف ستنفَّذ الالتزامات في أثناء الأزمات؟ ما مدى التنسيق العملي المتوقع؟ وهل هناك تفاهمات غير مكتوبة بخصوص السلاح النووي؟ ويجب التذكير بأن التحالف لا يقتصر على الردع فحسب، بل إن أساسه الاستراتيجي يقوم أيضاً على ركائز اقتصادية واجتماعية: اعتمادات نفطية، ودعم مالي، وملايين العمال الباكستانيين في السعودية، ومكانة الحج، بصفته إطاراً جامعاً.

تبعث السعودية بإشارة إلى مجمل الإقليم، مفادها بأن لديها تحالفاً مع دولة مسلمة نووية تلتزم أمنها، غير أن التحالف الجديد لا ينهي الغموض، بل بالعكس؛ من الآن فصاعداً، سيزيد في حجم التكهنات أيضاً بشأن موقع إسرائيل في إدراك التهديد السعودي. لقد رأت المملكة على مدى أعوام طويلة أن إيران خصمها المركزي، وفي الماضي، كشفت صور فضائية مسربة إلى وسائل الإعلام أن الصواريخ الباليستية التي في حيازتها موجهة نحو إيران، وليس نحو إسرائيل. إلّا إن الحرب، ولا سيما تبادُل الضربات بين إسرائيل وإيران، يدفعان إلى تغييرات في التفكير الاستراتيجي في الخليج على نحوٍ يتطلب انتباهاً إسرائيلياً. وستكون إسرائيل على صواب إذا نقلت رسائل طمأنة، وليس تهديدات، وبشكل خاص إلى دول الخليج.

بقلم: الباحث الإسرائيلي يوئيل غوزنسكي