إعداد: برنامج الرصد والتوثيق – مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي

تقرير استشهاد 109 مواطنين وتوثيق أكثر من 152 انتهاكًا: الأسبوع الثالث والأكثر دموية منذ وقف إطلاق النار في غزة

04:00 م،01 نوفمبر 2025

برنامج الرصد والتوثيق

استشهاد 109 مواطنين وتوثيق أكثر من 152 انتهاكًا: الأسبوع الثالث والأكثر دموية منذ وقف إطلاق النار في غزة

الفترة: 25 – 31 أكتوبر 2025

مقدمة

تُظهر البيانات الميدانية التي رصدها مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي، أن الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم فعليًا ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول 2025، بل استمر في سياسة العدوان منخفض الوتيرة، عبر تنفيذ عمليات قصف واستهداف وتوغل محدودة، شكلت مجتمعة مرحلة جديدة من الحرب بأدوات "الضغط المتدرج" وإعادة قولبة أشكال العدوان.

ويوثق التقرير وقوع 152 خرقًا إسرائيليًا خلال الأسبوع الثالث من التهدئة، أسفرت عن 109 شهداء و270 جريحًا، غالبهم من النساء وأطفال، في دلالة واضحة على الاستباحة الإسرائيلية وغياب الضغط الفاعل على الاحتلال.

أولًا: الحصيلة العامة للخروقات

الشهداء

الجرحى

إطلاق نار

توغل

استهداف

معتقلين

مجموع الأحدث

109

270

24

1

103

3

152

 

تؤكد هذه الأرقام أن الاحتلال حافظ على معدل عدوان يومي يقارب 22 خرقًا في اليوم الواحد، ما يجعل وقف النار أقرب إلى هدنة شكلية منه إلى اتفاق ملزم.

ثانيًا: أبرز الخروقات الميدانية

  • مجزرة النصيرات (29 أكتوبر): استهدفت طائرات الاحتلال منزل عائلة أبو دلال، ما أدى إلى استشهاد 18 مدنيًا من العائلة بينهم 10 أطفال، في واحدة من أكثر الجرائم دموية بعد إعلان التهدئة.
  • استهداف مستشفى الشفاء (28 أكتوبر): غارة جوية أصابت الساحة الخلفية للمستشفى، وألحقت أضرارًا كبيرة بمحيطه الطبي والإغاثي.
  • قصف خيام النازحين: وثّق المركز ما لا يقل عن 5 استهدافات مباشرة لخيام نازحين في مناطق المواصي ودير البلح وخان يونس.
  • قصف البنية التحتية المدنية: شمل القصف مبنى شركة الكهرباء في عبسان شرق خان يونس ومنازل عدة في الأحياء الشرقية لمدينة غزة.

ثالثًا: التوزيع الجغرافي

  • توزعت الاعتداءات ما بين المحافظات الجنوبية والوسطى وشمال قطاع غزة، حيث سُجلت:
  • خان يونس: 43 خرقًا بين غارات ومدفعية وعمليات نسف.
  • مدينة غزة: 39 خرقًا، أبرزها القصف المتكرر للأحياء الشرقية (الشجاعية – الزيتون – التفاح).
  • المحافظة الوسطى (النصيرات والبريج والمغازي): 37 خرقًا، معظمها غارات جوية واستهداف للمخيمات.
  • شمال القطاع (جباليا وبيت لاهيا): 23 خرقًا شملت عمليات قصف مدفعي وبحري.

رابعًا: الأنماط العملياتية

تكشف طبيعة الخروقات عن تحول في تكتيك الاحتلال من العدوان الشامل إلى استراتيجية الاستنزاف والقولبة الأمنية، وتظهر من خلال:

  1. توسيع الخط الأصفر بالقوة عبر الإجراءات الميدانية على الأرض، وخصوصًا ما حدث في مخيم جباليا عبر تعميق منطقة السيطرة بفرض الوقائع ووضع الإشارات الصفراء.
  2. عمليات النسف المنهجي للمنازل شرق القطاع كأداة لتوسيع ما يسمى "المناطق العازلة".
  3. الاستهداف المتعمد للمرافق الحيوية لخلق بيئة إنسانية خانقة.
  4. استخدام الطائرات المسيرة (كواد كابتر) لاستهداف الأفراد والخيام، ما يشير إلى متابعة جهد استخباري واسع وفرض سيطرة بالنيران.
  5. القصف البحري المتكرر ضد الصيادين، في إطار الضغط الاقتصادي والاجتماعي على السكان وعدم الالتزام بمساحة الصيد المفترضة.

خامسًا: دلالات رئيسية

  • استمرار العدوان يؤكد غياب الالتزام الإسرائيلي بالاتفاق، وتحويله إلى مرحلة لإعادة التموضع الميداني.
  • استهداف المدنيين والبنية التحتية يندرج ضمن سياسة إدامة الأزمة الإنسانية وتقييد إعادة الإعمار.
  • التوزيع الجغرافي للخروقات يعكس نية الاحتلال ترسيم وقائع ميدانية جديدة عبر تكريس عزل المناطق السكانية ومنع عودة السكان للكثير من المناطق حتى خارج الخط الأصفر.
  • عدم فتح معبر رفح، واستمرار سياسة الابتزاز الإنساني في المعابر، تهدف في جوهرها إلى تثبيت فكرة السيطرة الأمنية للاحتلال على قطاع غزة، وتجاهله لكل ما نص عليه الاتفاق.
  • تجاهل المجتمع الدولي لهذه الانتهاكات يُعمّق فقدان الثقة في فعالية أدوات المراقبة والحماية الدولية.

خاتمة

إنّ الأسبوع الثالث من اتفاق وقف إطلاق النار مثّل اختبارًا فاشلًا لجدّية الاحتلال الإسرائيلي في الالتزام ببنود الاتفاق، ولا سيما البنود ذات الطابع الإنساني، إذ أعاد إنتاج العدوان بصورة متدرجة تحت مسميات مختلفة مثل "الأمن والتمشيط" و"الإحباط الساخن" لتهديداتٍ مفترضة.

وفي هذا السياق، فإن مواجهة محاولات الاحتلال فرض وقائع ميدانية جديدة واستدامة آثار الإبادة الكارثية، تتطلب تحركًا جادًا وسريعًا من الوسطاء والدول المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ، لضمان وقف العدوان وفتح المعابر وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية دون قيود.

ويُحذّر مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي من أن استمرار هذه الخروقات يهدد بانهيار التهدئة كليًا، ويدعو إلى تحرك أممي عاجل لتفعيل آليات الرقابة الدولية وضمان الحماية الفعلية للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.

لتفاصيل الرصد، أنظر المرفق